العالقة بين الالمساواة في توزيع الدخل والنمو االقتصادي )دراسة تطبيقية على مجموعة دول للفترة م(

Transcript

1 جامعة األزهر غزة عمادة الد ارسات العليا والبحث العلمي كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية قسم االقتصاد العالقة بين الالمساواة في توزيع الدخل والنمو االقتصادي )دراسة تطبيقية على مجموعة دول للفترة م( The Relationship between Income Inequality and Economic Growth (Empirical Study of a Set of Countries During the Period ) إعداد الطالب أحمد مصطفى البطران د. عبد هللا محمد الهبيل أستاذ اإلحصاء المشارك جامعة األزهر - غزة إشراف د. سمير مصطفى أبو مدللة عميد كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية جامعة األزهر - غزة قدمت هذه الرسالة استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في االقتصاد من كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية بجامعة األزهر بغزة غزة فلسطين 30 م

2 أ

3 اإلهاا إلى من ال تحلو الحياة إال بها وال يسعد قلبي إال بسعادتها أمي الحبيبة أطال هللا عمرها وأبقانا تحت قدميها إلى من تكلل بالهيبة والوقار وعلمنا الصبر واإلصرار أبي الحبيب أطال هللا عمره وأبقانا منه خير متعلمين إلى الذين عشت معهم كل سنوات عمري رفاق دربي في األفراح واألتراح أخوتي األحبة وأخواتي الحبيبات إلى األكرم منا جميعا شهاا شعبنا الذي قضوا على طريق الحرية إلى أرواح الشهداء: عمي عيسى البطران وزوجته وأبنائه إلى جميع األصدقاء والصديقات والزمالء األعزاء إلى جميع هؤال.. أهاي هذا العمل المتواضع الباحث ب

4 شكر وتقدير انطالقا من العرفان بالجميل فإنه يسرني أن أتقدم بجزيل الشكر ووافر االمتنان إلى أستاذي ومشرفي الدكتور الفاضل سمير أبو مدللة الذي تكرم باإلش ارف على هذه الرسالة وأمدني من منابع علمه بالكثير والذي ما توانى عن مد يد العون والنصح واإلرشاد حتى وصلت الرسالة إلى ما هي عليه. فله مني كل التقدير ودام ذخ ار للوطن والعلم. كما أتقدم بعظيم شكري وامتناني إلى الدكتور الفاضل عبد هللا الهبيل والذي لم يدخر جهدا أو علما أو وقتا في سبيل إنجاز هذه الرسالة ولتوجيهاته ذات األثر الواضح في سبيل االرتقاء بها فله مني كل التقدير واالحت ارم. كما أتوجه بخالص الشكر إلى أعضاء لجنة المناقشة والتحكيم الدكتور الفاضل فاروق دواس والدكتور الفاضل محمود صبرة على تفضلهما بقبول مناقشة هذه الرسالة وما تكبد اه من عناء في ق ارءتها واغنائها بمقترحاتهما القيمة. كما أتقدم بوافر الشكر لجميع العاملين في جامعة األزهر وكلية االقتصاد والعلوم اإلدارية وخاصة أساتذتي الك ارم في قسم االقتصاد: األستاذ الدكتور معين رجب والدكتور سمير أبو مدللة والدكتور نسيم أبو جامع والدكتور محمود صبرة والدكتور فواز أبو ستة. وفي هذا المقام ال أنسى المرحوم الدكتور الفاضل فيصل خلف هللا. إلى جميع هؤالء وجميع األخوة واألخوات واألصدقاء والصديقات وزمالء الد ارسة الذين كانوا عونا لي في إتمام هذه الد ارسة و الذين ال يتسع المجال لذكر أسمائهم ولكنهم في القلب دوما. أتقدم بأسمى آيات الشكر واالمتان والعرفان الباحث ج

5 ملخص الد ارسة العالقة بين الالمساواة في توزيع الدخل والنمو االقتصادي (د ارسة تطبيقية على مجموعة دول للفترة ( تعتبر الالمساواة في توزيع الدخل من القضايا التي تهم صناع السياسة والق ار ارت االقتصادية لما لها من تأثي ارت مختلفة على المجتمع واالقتصاد. وقد هدفت هذه الد ارسة إلى اختبار التأثي ارت المتبادلة بين الالمساواة في توزيع الدخل مقاسة بمعامل جيني والنمو االقتصادي مقاسا بنصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي في مجموعة دول للفترة م وذلك باستخدام أساليب تحليل بيانات السالسل الزمنية المقطعية أو ما يعرف بالبانل داتا ) Data Panel ( من خالل تقدير النماذج المتجمعة ) Model )Pooled ونماذج التأثي ارت الثابتة ) Effects Fixed ( والتأثي ارت العشوائية Effects(.)Random وقد بينت النتائج أن نموذج التأثي ارت العشوائية هو النموذج األكثر مالئمة لد ارسة تأثير عدم المساواة في توزيع الدخل على النمو االقتصادي وانتهى تحليل هذا النموذج إلى أن زيادة معامل جيني بنقطة واحدة تؤدي إلى ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي في دول العينة بمقدار بحوالي 744 $. أي أن الرتفاع الالمساواة في توزيع الدخل أث ار إيجابيا على النمو االقتصادي. وال يفسر معامل جيني سوى 9 % من التباين في النمو االقتصادي في دول العينة فيما يعزى 98 % من هذا التباين إلى متغي ارت أخرى لم تدرج في النموذج. من جانب آخر كان نموذج التأثي ارت الثابتة هو النموذج االكثر مالئمة لد ارسة تأثير النمو االقتصادي على عدم المساواة في توزيع الدخل وانتهى تحليل النموذج إلى أن زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي بمقدار $8000 يؤدي إلى ارتفاع معامل جيني بمقدار نقطة في جميع دول العينة. أي أن النمو االقتصادي له أثر سلبي على توزيع الدخل في دول العينة. ويفسر 3 % من التغير في عدم المساواة في توزيع الدخل بواسطة تأثير النمو االقتصادي والتأثي ارت الثابتة في كل دولة فيما يعزى 84 % لعوامل أخرى ال يتضمنها النموذج. واستنادا لهذه النتائج فقد أوصت الد ارسة على ضرورة تحقيق التوازن بين هدف النمو االقتصادي وهدف تخفيض مستوى عدم المساواة في توزيع الدخل في سبيل تحقيق تنمية اقتصادية شاملة تأخذ في االعتبار اآلثار اإلجتماعية والسياسية للمتغيرين محل الد ارسة. إلى جانب ذلك أوصت الد ارسة بالقيام بمزيد من الد ارسات حول هذه القضية في إطاريها اإلقليمي العربي والمحلي الفلسطيني. د

6 Abstract The Relationship between Income Inequality and Economic Growth (Empirical Study of a Set of Countries During the Period ) The inequality in income distribution is one of issues of concern to policy makers and economic decisions, because of their different effects on society and the economy. This study aims to examine the influences between income inequality, measured by the Gini coefficient of income, and economic growth measured by real GDP per capita in a panel of countries between 980 and 00, using the methods of analysis of Panel Data through estimating Pooled Models, fixed effects models and random effects models. The results prove that random effects model is the most suitable model to study the effects of income inequality on economic growth. This model concludes that the increase of Gini coefficient with only one point leads to a rise in real GDP per capita with $744 in the sample of countries through this study. This means that the rise in income inequality of real GDP per capita affected positively on the economic growth. Gini coefficient constitutes only 9% of the variance in economic growth in the sample of these countries; however, 9% of the variance of economic growth goes to other variables which are not listed in this model. On the other hand, fixed effects model is the most suitable model to study the effects of economic growth on income inequality. This model concludes that the increase of real GDP per capita with $000 leads to a rise in Gini coefficient with 0.94 point in all the sample of countries. In addition, 83% of the variance of income inequality results from the effects of economic growth and fixed effects in every country while 4% of the variance goes to other variables which are not included in the model. According to these models, the study emphasizes on the necessity of achieving balance between the aim of economic growth and the aim of decreasing the level of income inequality leading to comprehensive economic development and taking into consideration the social and political effects of both variables through the study. Besides, the study recommended carrying out further studies on this issue in Arab region and Palestine. ه

7 فهرس المحتويات اإلهداء شكر وتقدير ملخص الرسالة Abstract فهرس المحتويات فهرس الجداول فهرس األشكال فهرس المالحق ب ج د ه و ك ل م اإلطار العام للد ارسة المقدمة مشكلة الد ارسة فرضيات الد ارسة أهداف الد ارسة أهمية الد ارسة منهجية الد ارسة تعريف المتغي ارت حدود الد ارسة الدر اسات السابقة الفصل األول: توزيع الدخل وعدم المساواة: مدخل وم ارجعة تاريخية المقدمة المبحث األول: توزيع الدخل وقياس عدم المساواة أوال: تعريف الدخل ثانيا: أهمية د ارسة توزيع الدخل ثالثا: طرق توزيع الدخل و

8 التوزيع الوظيفي للدخل التوزيع الشخصي للدخل توزيع الدخل بحسب الشريحة اربعا: قياس عدم المساواة في توزيع الدخل معايير قياس الالمساواة في توزيع الدخل مؤش ارت قياس الالمساواة في توزيع الدخل أ- منحنى لورنز ب- معامل جيني ج- مؤش ارت أخرى المدى انح ارف الوسط النسبي التباين ومعامل االختالف مؤشر تايل خامسا: مصادر وأسباب عدم المساواة المبحث الثاني: النمو االقتصادي وقياسه أوال: تعريف النمو االقتصادي وقياسه تعريف النمو االقتصادي قياس النمو االقتصادي ثانيا: تقيمم متوسط الدخل الفردي كمقياس للنمو االقتصادي المبحث الثالث: التطور التاريخي للنمو االقتصادي وعدم المساواة أوال: االختالفات في نصيب الفرد من الدخل القومي بين الدول ثانيا: االختالفات في معدالت النمو االقتصادي بين الدول ثالثا: تطور عدم المساواة في التوزيع الشخصي للدخل اربعا: تفكيك مصادر عدم المساواة خالصة الفصل ز

9 الفصل الثاني: العالقة بين النمو االقتصادي وتوزيع الدخل المقدمة المبحث األول: تأثير النمو االقتصادي على توزيع الدخل أوال: استع ارض إلطار كوزنتس نظرية كوزنتس نموذج لويس التغير في الالمساواة الحضرية الالمساواة الريفية ثانيا: الد ارسات الالحقة لفرضية كوزنتس الد ارسات التي أيدت فرضية كوزنتس الد ارسات التي عارضت فرضية كوزنتس المبحث الثاني: تأثير توزيع الدخل على النمو االقتصادي أوال: النظريات االقتصادية )المنهج الكالسيكي( االدخار واالستثمار عيوب أسواق االئتمان وأسواق أرس المال الحوافز والكفاءة ثانيا: النظريات االقتصادية السياسية )المنهج الحديث( األنشطة الباحثة عن الريع القناة المالية )نظرية الناخب الوسيط( االضط اربات السياسية واالجتماعية خالصة الفصل الفصل الثالث: الد ارسة التطبيقية المبحث األول: الد ارسة الوصفية لدول العينة ومتغي ارت الد ارسة مقدمة أوال : استع ارض وصفي القتصادات دول العينة األرجنتين ح

10 ألمانيا الواليات المتحدة األمريكية اليابان أندونيسيا المملكة المتحدة بلغاريا بنغالدش فنزويال كوريا الجنوبية ثانيا : معامالت االرتباط الخطية البسيطة المبحث الثاني: إج ارءات ومنهجية الد ارسة مقدمة أوال : تعريف متغي ارت الد ارسة ثانيا : بيانات الد ارسة ثالثا : منهجية الد ارسة والنماذج المستخدمة النموذج التجميعيModel Pooled -0 نموذج التأثي ارت الثابتةEffects Fixed -3 نموذج التأثي ارت العشوائيةEffects Random اربعا: أساليب اختيار النموذج المالئم لبيانات السالسل الزمنية المقطعيةData Panel خامسا: الب ارمج اإلحصائية المستخدمة في الد ارسة المبحث الثالث: الد ارسة التطبيقية مقدمة أوال : د ارسة تأثير عدم الالمساواة في توزيع الدخل على النمو االقتصادي النموذج التجميعي نموذج التأثي ارت الثابتة نموذج التأثي ارت العشوائية اختيار النموذج األكثر مالئمة لبيانات الد ارسة ط

11 -5 تفسير نتائج النموذج األكثر مالئمة )نموذج التأثي ارت العشوائية( ثانيا : د ارسة تأثير النمو االقتصادي على عدم الالمساواة في توزيع الدخل النموذج التجميعي نموذج التأثي ارت الثابتة نموذج التأثي ارت العشوائية اختيار النموذج األكثر مالئمة لبيانات الد ارسة تفسير نتائج النموذج األكثر مالئمة )نموذج التأثي ارت الثابتة( ثالثا: التحليل االقتصادي للنتائج القياسية التحليل االقتصادي لنموذج تأثير عدم المساواة على النمو االقتصادي التحليل االقتصادي لنموذج تأثير النمو االقتصادي على الالمساواة ملخص نتائج التحليل القياسي النتائج والتوصيات الم ارجع المالحق ي

12 فهرس الجااول الجدول ) - (: نصيب الفرد من الدخل في العالم منذ عام 8000 حتى العام الجدول ) - (: مقارنة بين معامالت جيني لبعض الدول في القطاعين الريفي والحضري الجدول )-3(: معامالت االرتباط الخطية البسيطة بين نصيب الفرد من الناتج المحلي االجمالي ومعامل جيني الجدول ) -3 (: المقاييس اإلحصائية لنصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي في دول العينة 94 الجدول ) 3-3 (: المقاييس اإلحصائية لمعامل جيني في دول العينة الجدول ) 4-3 (: نتائج تقدير معامالت النموذج التجميعيModel Pooled الجدول ) 5-3 (: نتائج تقدير معامالت نموذج التأثي ارت الثابتةModel --- Fixed Effects الجدول Random Effects )6-3(: نتائج تقدير معامالت نموذج التأثي ارت العشوائية Model الجدول )7-3(: نتائج اختبا ارت اختيار أفضل نموذج لتأثير معامل جيني على النمو الجدول ) 8-3 (: نتائج تقدير معامالت النموذج التجميعيModel Pooled الجدول ) 9-3 (: نتائج تقدير معامالت نموذج التأثي ارت الثابتةModel --- Fixed Effects الجدول Random Effects )-3(: نتائج تقدير معامالت نموذج التأثي ارت العشوائية Model الجدول ) -3 (: نتائج اختبا ارت اختيار أفضل نموذج لتأثير النمو االقتصادي على معامل جيني الجدول ) -3 (: ملخص نتائج التحليل القياسي االقتصادي ك

13 ل فهرس األشكال الشكل ) - (: منحنى لورنز الشكل ) - (: نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في مجموعة من الدول للعام الشكل ) 3- (: نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في أربع دول مقارنة بالسجل التاريخي لنصيب الفرد من الدخل الحقيقي في الواليات المتحدة األمريكية الشكل ) 4- (: معدل نمو نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في عينة 807 دول الشكل ) 5- (: معدل نمو نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في عينة الدول الغنية الشكل ) 6- (: معدل نمو نصيب الفرد من الدخل لكل االقتصاد العالمي الشكل ) 8- (: معامل جيني وموشر تايل للتوزيع الدولي للدخل الشخصي الشكل ) 9- (: مؤشر تايل للتوزيع الدولي للدخل الشخصي الشكل ) - (: نصيب عدم المساواة داخل الدول من عدم المساواة اإلجمالية الشكل الشكل الشكل الشكل ) - (: منحنى كوزنتس حرفU المقلوب والذي يوضح العالقة بين نصيب الفرد من ) - (: ملخص بياني لنموذج لويس للتنمية االقتصادية في اقتصاد مكون من قطاعين )-3(: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في األرجنتين ) -3 (: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في ألمانيا ) )0080 شكل )3-3(: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في الواليات المتحدة ) ( الشكل ) 4-3 (: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في اليابان ) )0080 الشكل ) 5-3 (: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في أندونيسيا ) )0080 شكل )6-3(: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في المملكة المتحدة الدخل وعدم المساواة في الدخل الشخصي تقليدي وحديث ) (

14 ) ( الشكل ) 7-3 (: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في بلغاريا ) )0080 الشكل ) 8-3 (: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في بنغالدش ) )0080 الشكل ) 9-3 (: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في فنزويال ) )0080 الشكل ) -3 (: نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي ومعامل جيني في كوريا الجنوبية ) ( فهرس المالحق الملحق رقم) (: البيانات المستخدمة في الفصل األول الملحق رقم) (: بيانات الد ارسة القياسية الملحق رقم) 3 (: األشكال البيانية للنواتج المحلية اإلجمالية ومعدالت النمو في دول العينة ) ( م

15 اإلطار العام للد ارسة

16 المقدمة: خالل العقود القليلة الماضية أخذت د ارسة العالقة بين الالمساواة في توزيع الدخل والنمو االقتصادي تحتل مساحة واسعة في أدبيات التنمية االقتصادية حيث تسعى حكومات الدول إلى تحقيق معدالت نمو اقتصادي مرتفعة باإلضافة إلى تحقيق شكل عادل من توزيع الدخول والثروات على مواطنيها ومع ذلك فغالبا ما تفشل في تحقيق هذين الهدفين في آن واحد. ويعتبر النمو االقتصادي القوة الفاعلة في عملية الحد من الفقر. فمن ناحية يعمل النمو المرتفع والمطرد على زيادة طلب العمل واألجور وتحسين شروط العمل وبالتالي تخفيض معدالت الفقر. ومن ناحية أخرى تعمل األرباح المتحققة بسبب ارتفاع اإلنتاجية وتحسن شروط العمل على زيادة ت اركم أرس المال وبالتالي ارتفاع معدالت النمو. إال أن الحد من الفقر كنتيجة للنمو االقتصادي يعتمد على كيفية توزيع التغي ارت التي تحدث في الدخول وعلى درجة المساواة أو عدم المساواة في الدخول األولية. وتقدم أدبيات النمو االقتصادي العالقة اإليجابية والعالقة السلبية بين الالمساواة والنمو االقتصادي على حد السواء. فمن ناحية فإن التفاوت له أثر إيجابي على النمو االقتصادي في اقتصاد السوق حيث يؤدي التفاوت إلى تركز الثروات في أيدي الطبقة الغنية ذات الميل الحدي المرتفع لالدخار وت اركم كال من أرس المال المادي والبشري وبالتالي تعزيز النمو االقتصادي ومن ناحية أخرى فإن ما تخلقه الالمساواة من عدم استق ارر في االقتصاد والمجتمع وت ارجع دوافع المقترضين وتقليل فرص االستثمار يعمل على الحد من النمو. كذلك قدم العديد من اقتصاديو التنمية حججا تبرر أهمية المساواة في الدول النامية كشرط لتعزيز عملية النمو الذاتي لالقتصاد مثل ضعف االدخار لدى طبقة األغنياء في هذه الدول باإلضافة إلى االستثمار غير المنتج وانخفاض أرس المال البشري لدى الفق ارء. وأشارت العديد من الدالئل التجريبية في العديد من دول أمريكا الالتينية وشرق آسيا إلى ت ازمن معدالت النمو المنخفضة وارتفاع معدالت التفاوت مما أدى بالعديد من االقتصاديين إلى إعادة النظر في العالقة بين الالمساواة والنمو االقتصادي حيث قدمت العديد من الد ارسات النظرية والتجريبية الدليل على أن الالمساواة لها تأثير سلبي على النمو االقتصادي فيما قدمت د ارسات أخرى وجهة نظر جديدة تفيد بعدم وجود عالقة تربط بينهما. مع ذلك ما ت ازل العالقة بين عدم المساواة في الدخل والنمو االقتصادي يشوبها الغموض وعدم التأكد بسبب تضارب نتائج الد ارسات النظرية والتجريبية المختلفة والسلوك المختلف الذي تتخذه العالقة في مختلف الدول وفيما بينها سواء من خالل د ارسة اقتصاد واحد أو مجموعة اقتصادات أو د ارسة البيانات المقطعية أو السالسل الزمنية أو السالسل الزمنية المقطعية.

17 مشكلة الد ارسة: نظ ار الختالف نتائج الد ارسات النظرية والتجريبية في تحديد العالقة بين الالمساواة والنمو االقتصادي وأثر كل منهما على اآلخر فإنه يمكن صياغة مشكلة الد ارسة في التالي: ما هي العالقة بين الالمساواة في توزيع الدخل والنمو االقتصادي ومن هذا السؤال الرئيسي تنبثق األسئلة الفرعية التالية:. هل يؤثر النمو االقتصادي على الالمساواة في توزيع الدخل. هل تؤثر الالمساواة في توزيع الدخل على النمو االقتصادي 3. هل تختلف العالقة بين النمو االقتصادي والالمساواة في توزيع الدخل بين الدول فرضيات الد ارسة: في ضوء مشكلة الد ارسة وأهدافه يمكن صوغ الفرضيات التالية:. يوجد تأثير إيجابي من النمو االقتصادي على الالمساواة في توزيع الدخل.. يوجد تأثير سلبي من الالمساواة في توزيع الدخل على النمو االقتصادي. 3. تختلف العالقة بين النمو االقتصادي والالمساواة في توزيع الدخل بين الدول منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل ومرتفعة الدخل. أهداف الد ارسة: تسعى الد ارسة لتحقيق األهداف التالية :. توضيح األثر المباشر لكل من النمو االقتصادي والالمساواة في توزيع الدخل على اآلخر.. توضيح اآلليات التي يؤثر بها كل من النمو االقتصادي والالمساواة في توزيع الدخل على اآلخر. 3. التحقق من سيادة العالقة أو عدمه بين الدول بغض النظر عن درجة تقدمها االقتصادي ومستوى الدخل السائد فيها. 4. استخالص النتائج والتوصيات التي تفيد في رسم السياسات االقتصادية واالجتماعية الالزمة للحد من الالمساواة في توزيع الدخل كشكل من أشكال التفاوت االقتصادي أو آثارها السلبية في الدول النامية. 3

18 أهمية الد ارسة :...3 تتناول هذه الد ارسة إحدى والمؤسسات واألف ارد نظ ار الرتباطها تأثير محلي ودولي على حد السواء. الموضوعات الهامة والتي تستحوذ على اهتمام األنظمة االقتصادية بعدة قضايا اجتماعية وسياسية داخل المجتمعات ولها تتناول هذه الد ارسة التأثير بين المتغيرين في كال االتجاهين وذلك خالفا للسائد في أدبيات النمو االقتصادي والالمساواة حيث درست هذه األدبيات أحد اتجاهات التأثير دون اآلخر. وقد تناولت الد ارسة هذين التأثيرين من خالل منهجية مختلفة عن المنهجيات المستخدمة من قبل الد ارسات التي تناولتهما معا. عند مقارنة العدد الوفير من الد ارسات األجنبية األحادية االتجاه أو المتبادلة إضافة جديدة وهامة في مجالها إلى المكتبة العربية. التي تتعرض للعالقة بين المتغيرين سواء بمثيالتها العربية فإن الباحث يعتقد بأن هذه الد ارسة سوف تمثل منهجية الد ارسة: سوف يستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي عند التعرض لألطر النظرية للد ارسة فيما يستخدم المنهج القياسي الختبار فروض الد ارسة. وقد اعتمد الباحث على بيانات السالسل الزمنية المقطعية Data( )Panel والتي تمثل بيانات مجموعة من الدول خالل فترة زمنية معينة ولقياس العالقة والتأثير بين متغي ارت الد ارسة اتبع الباحث أساليب التقدير الخاصة بنماذج البانل من خالل تقدير النماذج المتجمعة Model( )Pooled ونماذج التأثي ارت الثابتة Effects( )Fixed والتأثي ارت العشوائية.)Random Effects( تعريف المتغي ارت: : GINI معامل جيني وهو يمثل مؤشر عدم المساواة في العينة المختارة :RGDPCH نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي وفقا لتعادل القوة الش ارئية )باألسعار الثابتة للدوالر الدولي في عام 00( حدود الد ارسة: الحدود المكانية: يشمل اإلطار المكاني للد ارسة عينة تضم )0( دولة حسب تصنيف تقرير التنمية البشرية 00/00 كالتالي: دولة منخفضة الدخل: دولتين هما بنغالدش وأندونيسيا. دول متوسطة الدخل: ثالث دول وهي األرجنتين وبلغاريا وفنزويال. مقسمة في تجميعات الدخل 4

19 دول مرتفعة الدخل: خمس دول وهي ألمانيا بريطانيا اليابان كوريا الواليات المتحدة األمريكية. وقد ارعي الباحث في اختيار العينة التوزيع الجغ ارفي للعينة. الحدود الزمانية: يشمل اإلطار الزمني للد ارسة على سنة وهي السنوات من 90 حتى 00 م. الد ارسات السابقة: - د ارسة MALINEN 007 بعنوان: "A comment on the relationship between inequality and growth" هدفت الد ارسة إلى عرض جوانب الجدل الذي ساد بين اآل ارء المؤيدة لوجود أثر سلبي على النمو من الالمساواة واآل ارء المؤيدة بوجود أثر إيجابي وتبين هذه الد ارسة أن اختالف هذه اآل ارء ناتج عن وجود "مشكالت تقنية" في تقدير العالقة أو في قياس الالمساواة أو بسبب العالقة غير الخطية بين الالمساواة وبين النمو ومن الممكن أن يعزى الجدل إلى اجتماع األسباب السابقة معا. واستخدم الباحث بيانات 3 دولة للفترة وألغ ارض التقدير استعان الباحث بالنموذج النيوكالسيكي الموسع التالي لتقدير أثر الالمساواة على النمو االقتصادي: K it حيث تعبر عن البواقي وهي تشمل اآلثار المحتملة لخصائص الدولة u i وحد الخطأ.ɛ it وتوصلت الد ارسة إلى أن تأثير الالمساواة على النمو االقتصادي يتوقف على مستوى التنمية االقتصادية في البلد قيد الد ارسة كما طرح كوزنتس أي أن التفاوت في توزيع الدخل يميل إلى التفاقم في الم ارحل األولى من التنمية ويعود لينخفض في الم ارحل المتقدمة منها. - د ارسة PAGANO 004 بعنوان: "An empirical investigation of the relationship between inequality and growth" هدفت الد ارسة إلى اختبار العالقة بين الالمساواة مقاسة بمعامل جيني للدخل وبين معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي في عينة من 40 دولة ألعوام الخمسينيات حتى أوائل التسعينيات باستخدام منهجية ج ارنجر. وقد استخدم الباحث النموذج التالي من معادلتين للوصول إلى النتائج: 5

20 حيث تشير إلى أثر ج ارنجر باتجاه يسير من الالمساواة على النمو االقتصادي في حين أن تشير إلى أثر ج ارنجر في االتجاه المعاكس. وتوصلت الد ارسة إلى وجود تأثير سلبي من الالمساواة على النمو االقتصادي وتأثير إيجابي من النمو االقتصادي على الالمساواة وعند فصل عينة الدول الغنية والفقيرة فقد وجدت الد ارسة عالقة إيجابية بين الالمساواة والنمو االقتصادي في الدول المتقدمة )الغنية( في حين أن العالقة بين المتغيرين في الدول النامية )الفقيرة( سلبية وقوية. -3 د ارسة Huang, Jr-Tsung et al 004 بعنوان: "The granger causality between economic growth and income inequality in post-reform China" هدفت الد ارسة اختبار وجود عالقة سببية بين الالمساواة والنمو االقتصادي في الصين بعد عملية اإلصالح االقتصادي والهيكلي. وقد استخدم الباحثون بيانات سالسل زمنية للمتغي ارت للفترة 00-9 لد ارسة العالقة السببية كما استخدم نفس النموذج والمنهجية التي استخدمها Pagano 004 السابقة. وتوصلت الد ارسة إلى أن الالمساواة ليس لها تأثير على النمو االقتصادي في حين أن النمو االقتصادي له تأثير واضح وقوي على الالمساواة. د ارسة 4- "A reassessment of the relationship between بعنوان: FORBES 000 inequality and growth" هدفت الد ارسة إلى تحدي الحجة القائلة بوجود عالقة سلبية بين الالمساواة والنمو االقتصادي والختبار تأثير الالمساواة على النمو االقتصادي استخدمت التفاوت في الدخل ل 4 حيث دولة عن الفترة الباحثة مجموعة بيانات مطورة عن 99-9 وللحصول على النتائج استخدم الباحث النموذج التالي: Growth it = β Inequality i,t- + β Income i,t- + β 3 MaleEducation i,t- + β 4 FemaleEducation i,t- + β 5 PPPI i,t- + α i + η t + u it i تشير إلى الدولة النمو السنوي للدولة t تشير إلى الفترة الزمنية Growth it (t =,, 3,, T) في الفترة i وتشوه األسواق على التوالي للدولة صوري يعبر عن الزمن i هو متوسط t وباقي المتغي ارت هي الالمساواة والدخل وتعليم الذكور وتعليم اإلناث في الفترة α i t- متغير صوري يعبر عن الدولة η t حد الخطأ. u it متغير 6

21 وتوصلت الد ارسة إلى أنه في المدى القصير والمتوسط فإن زيادة الالمساواة في الدخل ترتبط بعالقة إيجابية قوية مع النمو االقتصادي مع المالحظة بأن هذه النتيجة قد ال تنطبق على الدول الفقيرة جدا. وتقترح الورقة إعادة التقييم للعالقة بين هذين المتغيرين باإلضافة إلى المزيد من الد ارسات التي توضح القنوات التي يمكن من خاللها أن تت اربط الالمساواة والنمو االقتصادي وأية متغي ارت أخرى. -5 د ارسة BENABOU 996 بعنوان: growth" "Inequality and هدفت الد ارسة استكشاف العالقة بين النمو االقتصادي وتوزيع الدخل في اتجاه واحد انطالقا من حالة كوريا الجنوبية والفلبين حيث أشار إلى أنه في أوائل الستينيات كان هذان البلدان متشابهين إلى حد بعيد فيما يتعلق بالمؤش ارت االقتصادية الرئيسية )نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي عدد السكان معدالت االدخار االلتحاق بالمدارس.. إلخ( وبالرغم من ذلك فقد لوحظ اختالف البلدين بين في توزيع الدخل. وبمقارنة مؤش ارت كوريا الجنوبية بمؤش ارت الفلبين فإن توزيع الدخل في الفلبين كان أكثر تفاوتا و كان مؤشر جيني لكوريا الجنوبية أقل مقارنة بالفلبين مما يناقض الحجة السائدة في أن مزيدا من الالمساواة يؤدي إلى النمو االقتصادي. وتوصلت الد ارسة إلى أن تجربة المنطقتين غير كافيتين لرفض الحجة التقليدية حول وجود عالقة ايجابية بين الالمساواة والنمو االقتصادي. د ارسة رضا صاحب أبو حمد بعنوان: "توزيع الدخل والنمو االقتصادي في الدول -6 النامية" هددفت الد ارسدة إلدى توضديح مفهدوم توزيدع الددخل وأهميتده فدي الفكدر االقتصدادي وبيدان عالقدة توزيدع الدخل بالنمو االقتصادي في الدول النامية. وقد افترضت الد ارسدة أن التفداوت فدي توزيدع الددخل يكدون محددودا فدي المرحلدة األولدى مدن عمليدة النمدو االقتصدادي ثدم يدزداد مجالده حتدى تصدل إلدى حدد معدين بعدها يأخذ بالتقلص مدع اسدتم ارر عمليدة النمدو االقتصدادي فدي الددول الناميدة. واعتمدد الباحدث أسدلوب.OLS وقدام تحليل البيانات المقطعية العرضية ل 90 دولة ناميدة خدالل عشدرين عامدا وتطبيدق طريقدة بتطبيق سبع صيغ لمعادالت النموذج وهي: الصيغة الخطية: )Linear( ID i = a o + a (G.GDP L5 ) + a (P.GNP) + ui الصيغة نصف اللوغاريتمية: )Semi-Logarithmic( ID i = a o + a Log(G.GDP L5 ) + a Log(P.GNP) + ui الصيغة اللوغاريتمية: )Logarithmic( Log ID i = a o + a (G.GDP L5 ) + a (P.GNP) + ui

22 - الصيغة اللوغاريتمية المزدوجة: )Double-Logarithmic( Log ID i = a o + a Log(G.GDP L5 ) + a Log(P.GNP) + ui - الصيغة التربيعية: )Quadratic( ID i = a o + a (G.GDP L5 ) + a (P.GNP) + a 3 (P.GNP) + ui - الصيغة التربيعية نصف اللوغاريتمية: Quadratic( )Semi-Logarithmic ID i = a o + a Log(G.GDP L5 ) + a Log(P.GNP) + a 3 Log(P.GNP) + ui - الصيغة التربيعية اللوغاريتمية: Quadratic( )Logarithmic Log ID i = a o + a (G.GDP L5 ) + a (P.GNP) + a 3 (P.GNP) + ui حيث أن : i=(b 0%, B 40%, M 40%, T 0%, T 0%) : تمثل المتغير Ui العشوائي وأن ( 3 )a 0, a a تشير إلى معلومات النموذج. وتوصلت الد ارسة إلى أن معظم الدول التي تمتعت بمستوى مرتفع من نصيب الفرد من الدخل القومي تسير في طريق تقليص الالمساواة في توزيع الدخل وأن التقدي ارت التي أجريت تشير إلى أن نصيب الفرد من الناتج القومي االجمالي له أثر كبير على معدل نمو الناتج المحلي االجمالي على الحصص الدخلية. وهناك العديد من الد ارسات النظرية والتجريبية التي تناولت موضوع البحث من خالل منهجيات مختلفة وقنوات متعددة سنتناولها بالتفصيل خالل استع ارضنا لهذه العالقة. وفيما يلي ملخصا ألهم هذه الد ارسات ونتائجها: أوال :تأثير النمو االقتصادي على الالمساواة )فرضية كوزنتس(: العالقة أو التأثير الموقف الدراسة سلبي النمو يؤدي إلى تزايد الالمساواة في كوزنتس ) ( 5 المراحل األولى من عملية التنمية سلبي أيد فرضية كوزنتس أهلواليا )5599 ) ال يوجد تأثير هام بين رفض فرضية كوزنتس ديننغر وسكوير )555 ) المتغيرين ينتهي التأثير عند عزل بعض الدول رفض فرضية كوزنتس رفاليون وشن )5559 ) 4 ثانيا: تأثير الالمساواة على النمو االقتصادي )القنوات االقتصادية وقنوات االقتصاد السياسي(: العالقة أو التأثير القناة الدراسة إيجابي قناة اإلدخار سميث )005 ) 5 سلبي قناة االدخار لي وزو )004 ) ال يوجد تأثير هام بين قناة االدخار شميدت-هابيل وسيرفن 8

23 المتغيرين )000( سلبي قناة عيوب أسواق االئتمان ورأس المال ديننغر وسكوير) 5559 ) 4 سلبي قناة عيوب أسواق االئتمان ورأس المال أغيون وبولتون )555 ) سلبي قناة عيوب أسواق االئتمان ورأس المال بانيرجي ونيومان 9 )555( إيجابي قناة الحوافز والكفاءة أكون )559 ) 9 سلبي من خالل قناة األنشطة الباحثة عن الريع ألسينا وبيروتي) 5554 ) القنوات الثالثة القناة المالية قناة االضطرابات السياسية واالجتماعية سلبي القناة المالية ألسينا وروردريك 5 )5554( القناة المالية غير دقيقة القناة المالية جستن وتروجر )00 ) 50 في تفسير العالقة سلبي قناة االضطرابات السياسية واالجتماعية رودريك )555 ) 55 سلبي قناة االضطرابات السياسية واالجتماعية بروغيغنون )5555 ) 5 التعليق على الد ارسات السابقة: يمكن تقسيم الد ارسات السابقة إلى مجموعتين رئيسيتين هما:. مجموعة الد ارسات التي تعرضت إلى د ارسة التأثير في اتجاه واحد بين متغي ارت الد ارسة أي د ارسة تأثير النمو االقتصادي على الالمساواة في توزيع الدخل أو العكس.. مجموعة الد ارسات التي تعرضت إلى د ارسة التأثير المتبادل بين المتغي ارت محل الد ارسة أي د ارسة تأثير النمو االقتصادي على الالمساواة في توزيع الدخل والعكس. وتختلف د ارسة الباحث عن الد ارسات من المجموعة األولى في أنها تدرس التأثير المتبادل بين المتغيرين محل الد ارسة وعدم اقتصارها على د ارسة اتجاه واحد فقط. أيضا تختلف مع هذه المجموعة في نوعية البيانات واألسلوب المستخدم حيث اعتمدت هذه الد ارسات على أسلوب البيانات المقطعية العرضية أو أسلوب بيانات السالسل الزمنية فيما تعتمد الد ارسة الحالية على أسلوب بيانات السالسل الزمنية المقطعية. أما بالنسبة للد ارسات من المجموعة الثانية فقد اتفقت الد ارسة الحالية معها في تناولها للتأثي ارت في اتجاهين بين متغي ارت الد ارسة غير أنها تختلف معها في أسلوب تقدير هذه التأثي ارت باالعتماد على بيانات محدثة ومحسنة وذات جودة أعلى واستخدامها لمنهجية مختلفة حيث اعتمدت الد ارسات في هذه المجموعة على منهجية سببية ج ارنجر فيما اعتمدت الد ارسة الحالية على استخدام أساليب أخرى في د ارسة العالقة بين المتغي ارت االقتصادية محل الد ارسة وتمثلت هذه االساليب بأساليب تحليل بيانات السالسل الزمنية المقطعية أو ما يعرف بالبانل داتا Data( )Panel من خالل تقدير النماذج المتجمعة Model( )Pooled ونماذج التأثي ارت الثابتة Effects( )Fixed والتأثي ارت العشوائية Effects(.)Random 9

24 الفصل األول توزيع الدخل وعدم المساواة مدخل وم ارجعة تاريخية المقدمة المبحث األول: توزيع الدخل وقياس عدم المساواة المبحث الثاني: النمو االقتصادي وقياسه المبحث الثالث: التطور التاريخي للنمو االقتصادي وعدم المساواة خالصة الفصل

25 الفصل األول توزيع الدخل وعدم المساواة: مدخل وم ارجعة تاريخية المقدمة: شهد االقتصاد العالمي تغي ارت عميقة على مدى العقود القليلة الماضية سواء من خالل تغيير الدول ألنظمتها االقتصادية أو من خالل تنامي التجارة الدولية والعولمة أو من خالل التقدم التكنولوجي السريع وما أحدثه من تغيير في أنماط اإلنتاج واالستهالك. إلى جانب ذلك تركت األزمات المالية واالقتصادية المتعاقبة آثا ار سلبية متفاوتة على مختلف الدول وأصبحت معدالت النمو المختلفة تغير الوزن النسبي لمختلف االقتصادات في منظومة االقتصاد العالمي. وكان البد أن تترك هذه التطو ارت تأثي ارتها على توزيع الدخل في دول العالم وفيما بينها. فبالرغم مما شهده العالم في القرن العشرين من تقدم ملموس وان كان متفاوتا في مستويات المعيشة والرفاهية في معظم أج ازء العالم حسب تقارير البنك الدولي حيث انخفض معدل الفقر بشكل ملحوظ في الدول على مدى العشرين عاما األخيرة إال أنه ما ي ازل العديد من البلدان النامية ذات الدخول المنخفضة محاصرة بالحلقة المفرغة للفقر. ويعتبر النمو االقتصادي القوة الفاعلة في عملية الحد من الفقر حيث يعمل النمو المرتفع والمطرد على زيادة طلب العمل واألجور وبالتالي تنخفض معدالت الفقر وكذلك تعمل األرباح المتحققة نتيجة الحد من الفقر على زيادة اإلنتاجية وبالتالي زيادة النمو. إال أن الحد من الفقر كنتيجة للنمو االقتصادي يعتمد بصورة كبيرة على كيفية توزيع التغي ارت التي تحدث في الدخول وعلى درجة المساواة أو عدم المساواة في الدخول األولية. وتختلف الطرق التي يتم ينظر من خاللها إلى توزيع الدخل. فهناك التوزيع الوظيفي للدخل الذي يدرس التوزيع بين عوامل االنتاج وهناك التوزيع الشخصي للدخل الذي يشير إلى توزيعه فيما بين األسر أو األف ارد بصرف النظر عن مصدر الدخل. وكذلك تتعدد المؤش ارت التي تستخدم لقياس التفاوت في توزيع الدخل ويعتبر معامل جيني ومؤشر تايل أكثر هذه المؤش ارت استخداما. وبالرغم من التحسن المطرد على اإلحصاءات المتاحة حول توزيع الدخل إال أن ما يشوبها حتى اآلن هو وجود نقص كبير في بياناتها إلى جانب عدم تجانسها إلى حد بعيد وما تعانيه من اختالالت منهجية األمر الذي يجعل من الصعب تقديم صورة شاملة ودقيقة للطريقة التي تطورت بها الالمساواة في توزيع الدخل خاصة في المدى الطويل. مع ذلك فإن إحدى الحقائق التي يمكن استجالئها هي أن التفاوت في الدخل قد تغير بشكل كبير بمرور الوقت في جميع دول العالم نتيجة للعديد من األسباب منها األزمات االقتصادية والتغي ارت في اإلطار االقتصادي الدولي. وتبدو أواخر السبعينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي باعتبارها

26 نقاط تحول حيث اتسع تفاوت الدخول بصورة كبيرة في كل المناطق تقريبا. وفي بعض البلدان كانت ترتبط بسرعة النمو االقتصادي مثلما هو الحال في بعض البلدان اآلسيوية الكبرى في حين حدثت في بلدان أخرى في سياق من الركود والكساد االقتصاديين مثلما هو الحال في أمريكا الالتينية في الثمانينات والتسعينات وفي أفريقيا واالقتصادات االنتقالية في التسعينات وبعد تفكك االتحاد السوفيتي. وفي اآلونة األخيرة ومع استعادة أمريكا الالتينية لديناميتها االقتصادية أخذ التفاوت في االنخفاض وقد لوحظ وجود ت ازمن بين سرعة النمو وت ارجع التفاوت في البلدان الصناعية في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية. كل ما سبق يبين أن العالقة بين النمو والتفاوت عالقة معقدة ويصعب عرضها في مجرد اتجاه انخفاض أو ارتفاع.

27 توزيع الدخل المبحث األول وقياس عدم المساواة أوالا: تعريف الدخل: يشير الدخل كما يعرفه سامويلسون إلى مجموع ما يتلقاه أو يكسبه شخص أو أسرة نقدا معينة في العادة تكون سنة واحدة. وتشمل كل أشكال الدخل من عناصر اإلنتاج التحويالت. خالل فترة أو من اإلعانات أو وهو مجموع كل دفعات األجور واألرباح والفوائد واإليجا ارت وغيرها من أشكال الكسب خالل فترة معينة من الزمن. هذا المفهوم يتضمن ذلك ع ىل وبناء للدخل كل ما يحققه الفرد أو األسرة من دخول مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت نقدية أو عينية. إال أنه في الواقع يصعب تقدير الدخول حسب هذا المفهوم الواسع للدخل خاصة في الدول النامية وذلك لعدم توفر البيانات الكافية عن حجم الدخول غير المباشرة التي يحققها األف ارد أو األسر. وحتى الدخول المباشرة تكتنف عملية تقديرها صعوبات كثيرة في هذه الدول سواء العتبار البعض أن دخلهم موضوعا شخصيا أو بسبب تخوفهم من استخدام بياناتهم ألغ ارض ضريبية هذا باإلضافة إلى عدم امتالك العديد من أصحاب الدخول سجالت تحتوي بدقة تقدير دقيق 3 لدخولهم مثل الم ازرعين. ثانيا: أهمية د ارسة توزيع الدخل: تأتي أهمية د ارسة توزيع الدخل من كون هذه القضية إحدى القضايا األساسية التي تحكم عالقات المجتمع وتطوره ولما لهذه القضية من تأثير كبير على استق ارر المجتمع وتماسكه االجتماعي فالتقارب أو االختالف في نظرة األف ارد والدول لهذه القضية يحدد بشكل كبير مدى تماسك المجتمع ووحدته أو تناقضه وانقسامه إلى طبقتين واحدة غنية قادرة على إشباع حاجاتها المختلفة بسبب تركز بول سامويلسون ووليام نوردهاوس االقتصاد ترجمة هشام عبد هللا األهلية للنشر والتوزيع األردن عمان الطبعة األولى 00 صفحة.3 Karl F. Case and Ray C. Fair, Principles of Economics, Upper Saddle River, NJ: Pearson Education, 007, p.54. خالد زهدي خواجة أساليب األسرة المعهد ونفقات دخل بيانات تحليل للتدريب العربي والبحوث االحصائية األردن عمان 3 ص. 3

28 قد الثروة والدخول لديها وطبقة أخرى فقيرة تعجز عن يؤدي إلى حدوث اضط اربات إشباع الحد األدنى الممكن لحاجاتها األمر الذي سياسية واجتماعية واقتصادية تؤثر على تطور المجتمع ونموه. كما يكتسب توزيع الدخل أهمية من خالل الدور الذي يلعبه في عمليات التنمية االقتصادية إذ ال يكفي قياس معدل نمو الدخل القومي أو الدخل الفردي فقط وانما يجب قياس وتحليل الكيفية التي يتم بها توزيع هذا الدخل بين السكان ومن الذي يستفيد من عمليات التنمية االقتصادية والنمو االقتصادي. وذلك ألن د ارسة وتحليل توزيع الدخل ومعرفة أنماطه واتجاهاته وقياس التفاوت فيه تعد من الركائز الرئيسية التي يعتمد عليها في وضع الخطط االقتصادية واالجتماعية والديموغ ارفية وما بها يرتبط إلى ذلك. من سياسات األسعار والض ارئب واإلعانات وتحديد األجور ومستويات المعيشة والرفاهية وما ثالثا: طرق توزيع الدخل: تختلف الطرق التي ينظر من خاللها إلى توزيع الدخل ويشمل مفهوم التوزيع محاولة تفسير القوى التي تحكم معدل مكافأة الوحدة لكل عنصر من عناصر اإلنتاج وبشكل أدق تحديد الحجم النسبي لهذه المكافأة من خالل د ارسة الدخل القومي وتوزيعه بين أف ارد المجتمع أو على فئات الدخول المختلفة التي تكون المجتمع. ويرى آخرون معنى توزيع الدخل بأنه الكيفية التي يقسم بها الدخل القومي بين مختلف الطبقات التي تستحق نصيبا منه على شكل أجور وأرباح وفوائد وريع وذلك نتيجة لمساهمتهم 3 في العملية اإلنتاجية. وعموما توجد هناك ثالثة طرق ينظر من خاللها إلى توزيع الدخل هي الشخصي للدخل وتوزيع الدخل بحسب الشريحة نتناولها فيما يلي بالتفصيل: - التوزيع الوظيفي للدخل: يقصد بالتوزيع الوظيفي للدخل income( )Functional distribution of على أف ارد المجتمع بحسب مشاركتهم في العملية اإلنتاجية التوزيع الوظيفي للدخل والتوزيع توزيع الدخل القومي وبذلك فإن دخل الفرد يعتمد على عناصر اإلنتاج التي يمتلكها. وتعتبر نظرية التوزيع في هذه الحالة حالة خاصة من نظرية األسعار فاألجور 3 حسين علي سلطان دور السياسة المالية في التقليل من حدة التفاوت في توزيع )اطروحة دكتو اره غير منشورة الجامعة المستنصرية كلية االدارة واالقتصاد 00( ص 3. ارجي محيل الخفاجي قياس وتحليل ظاهرة الفقر وعالقته بالتفاوت في توزيع الدخل في االقتصاد الع ارقي )رسالة ماجستير غير منشورة الجامعة المستنصرية كلية اإلدارة واالقتصادي 009( ص 34. عبد الباسط عثامنة توزيع الدخل والثروة في اإلسالم أبحاث اليرموك سلسلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية المجلد )( العدد )- أ( ص ص 9- جامعة اليرموك 00. )نسخة إلكترونية ) 4

29 هي سعر العمالة والفائدة هي سعر أرس المال واإليجار هو سعر األرض واألرباح هي سعر المنظم حيث تتحدد أسعار عوامل اإلنتاج نتيجة للتفاعل بين الطلب والعرض على مختلف هذه العوامل. بكلمة أخرى فإن العنصر اإلنتاجي هو الذي يحصل على الدخل وليس األف ارد فالعمل كعنصر إنتاجي يحصل على حصته من الدخل وهو األجر وليس العامل وكذلك األمر بالنسبة لبقية عناصر اإلنتاج. فالتوزيع هنا هو عملية توزيع المنافع المتحققة من اإلنتاج المشترك بين عوامل اإلنتاج. ويمكن القول أن هناك عالقة بين قوانين اإلنتاج وقوانين التوزيع نتج عنها أن صار لعناصر اإلنتاج أهمية أكبر من أهمية مالكيها فالمالك يتبع الملكية عناصر اإلنتاج العناصر مع بعضها البعض. وأن عملية اإلنتاج ليست سوى تنسيق بين وأن نظريات التوزيع تهتم بعناصر اإلنتاج وحصصها دون االهتمام بتفاعل تلك عوامل اإلنتاج األربعة السابقة على سبيل المثال مالكي ويمكن من خالل هذه الطريقة المقارنة بين المقارنة توزيع الدخول بين أصحاب بين دخول العمل و أرس المال أو بين عامل انتاج بعينه حيث يمكن مثال مقارنة أجور بعض العمال في صناعة معينة بأجور العمال في صناعة أخرى. - التوزيع الشخصي للدخل: أما التوزيع الشخصي للدخل income( )Personal -or size- distribution of فيقصد به توزيع الدخل القومي على جميع أف ارد المجتمع وذلك 3 في العملية اإلنتاجية. بغض النظر عن مساهمتهم أو عدم مساهمتهم وهذا النوع من التوزيع يهتم بمستويات دخول األف ارد وأصنافهم دون االهتمام بمصدر الدخل الذي يحصل منه األف ارد على ذلك الدخل فقد يحصل األف ارد أو األسر على دخولهم من العمل أو من عوائد أرس المال أو من المعاشات التقاعدية أو اإلعانات أو أي من أشكال التحويالت األخرى. وهكذا فإن هذا التوزيع يبين مؤشر حجم الدخل الفردي من الناتج اإلجمالي والفئة االجتماعية التي ينتمي إليها إضافة إلى بيان أسباب حصول التفاوت في الدخول. وقد اكتسب هذا النوع من التوزيع أهمية بالغة في الدول ال أرسمالية إذ جاء نتيجة لألزمات االقتصادية التي مرت بها تلك الدول. حيث صار تدخل الدولة في الحياة االقتصادية أم ار ضروريا للعمل على إعادة توزيع الدخل بغض النظر عن الفلسفة االجتماعية التي تتبناها تلك الدول. ويعتبر هذا النوع من التوزيع تصحيحا للتوزيع الوظيفي ومكمال له عن طريق 4 إعادة توزيع الدخول. بين الدخول الفردية أو دخول األسر في المجتمع ككل. ويمكن من خالل هذه الطريقة المقارنة 5 4 بول سامويلسون ووليام نوردهاوس مرجع سبق ذكره ص حسين علي سلطان مرجع سبق ذكره ص John Sloman, Economics, Pearson Education, th edition, England 006, p64. حسين علي سلطان مرجع سبق ذكره ص 44-4.

30 يقصد 3 -توزيع الدخل حسب الشريحة: بتوزيع الدخل حسب الشريحة أي شريحة المتلقي للدخل ( by distribution of income )class of recipient توزيع الدخل هو حسب تصنيف المتلقي للدخل والفئة التصنيفية التي ينتمي إليها حيث يمكن د ارسة توزيع الدخل حسب الجنس )ذكر/أنثى( أو حسب المجموعات العرقية أو حسب المجموعات الجغ ارفية كد ارسة توزيع الدخل بين الدول أو بين الريف والحضر. ويمكن اعتبار هذا النوع من توزيع الدخل متضمنا في التوزيعين السابقين. اربعا: قياس عدم المساواة في توزيع الدخل: - معايير قياس الالمساواة في توزيع الدخل: عند قياس الالمساوة في توزيع الدخل فإنه عادة ما يتم مقارنة توزيعين أو أكثر للدخل حسب الفت ارت الزمنية أو الدول. وتستخدم لذلك مؤش ارت صممت خصيصا لد ارسة حالة التوزيع في شكل رقمي وينبغي أن يتوفر في هذه المؤش ارت بعض المعايير التي تجعل منها مقاييس مقبولة بشكل بديهي للجميع حيث أشارت أدبيات الالمساواة إلى عدة معايير ينبغي أن تتوافر في مؤش ارت قياس الالمساواة ومنها: معيار البناء للمجهول معيار حجم السكان معيار الدخل النسبي معيار التحويالت )أو ما يعرف بمعيار بيجو - دالتون( معيار التفكيك التجميعي معيار القابلية لالختبار اإلحصائي. - معيار البناء للمجهول: مضمون هذا المعيار أنه من الناحية األخالقية ليس مهما التعرف على من يحصل على الدخول تحت الد ارسة. فعلى سبيل المثال إذا كان )أ( يحصل على دخل ( y( بينما يحصل )ب( على دخل ( y( فإن توزيع الدخل هذا سوف يكون متطابقا مع الحالة التي يحصل فيها )أ( على دخل ( y( ويحصل )ب( على دخل ( y( وذلك فيما يتعلق بالحكم على الالمساواة في التوزيع. ويعني هذا المعيار أنه يمكننا على الدوام ترتيب توزيع الدخول بحيث يصنف األف ارد من األفقر إلى األغنى. - معيار السكان: مضمون هذا المعيار أنه عند مقارنة توزيع للدخل لعدد سكان معين مع توزيع آخر للدخل لضعف عدد السكان مع ثبات نمط الدخل الذي كان سائدا في التوزيع االبتدائي فإنه لن يكون هناك اختالف في درجة الالمساواة في التوزيعين في الحالتين. ويعني هذا المعيار أن حجم السكان ليس له تأثير فكل ما هو مطلوب للتأثير في درجة الالمساواة في التوزيع هو نسبة السكان الذين يحصلون على مستوى معين من الدخل. 3- معيار الدخل النسبي: كما هو الحال بالنسبة لمعيار حجم السكان يمكن القول بأن ما يهم في قياس درجة الالمساواة في التوزيع هو الدخل النسبي وليس حجم الدخل. ويعني هذا المعيار John Sloman, OP. Cit, p 64. 6

31 أنه اذا ما تم الحصول على توزيع للدخل من توزيع قائم وذلك بزيادة )أو تخفيض( دخل كل فرد بنفس المعدل فإن درجة الالمساواة في التوزيع ستكون متطابقة للتوزيعين. 4- معيار التحويالت )معيار بيجو- دالتون(: مضمون هذا المعيار أنه إذا ما تم الحصول على توزيع للدخل من توزيع قائم وذلك عن طريق سلسلة من التحويالت من األف ارد الفق ارء إلى األغنياء فإن التوزيع الجديد سوف يكون أكثر بعدا 5- خاصية التفكيك التجميعي: يقال بأن مؤشر الالمساواة عن المساواة من التوزيع القائم. قابل للتفكيك التجميعي إذا أمكن كتابته على أنه مجموع مكونين: مكون لما بين المجموعات ومكون لداخل المجموعات حيث يساوي مكون ما بين المجموعات قيمة المؤشر عندما يحصل كل فرد داخل مجموعة على متوسط دخل المجموعة بينما يساوي مكون داخل المجموعة المتوسط المثقل لمؤش ارت عدم المساواة للمجموعات موزونة بنسبة السكان أو نسبة الدخل. 6- القابلية لالختبار االحصائي: حيث ينبغي توافر القدرة على اختبار أهمية التغي ارت في المؤشر على مر الزمن. بناء على هذه المعايير فإنه يمكن تعريف مؤشر الالمساواة في توزيع الدخل على أنه قانون يتم على أساسه إعطاء درجة لعدم المساواة لكل توزيع للدخل بحيث كلما ارتفعت قيمة المؤشر كلما كان يعني ذلك ارتفاعا في (I) الالمساواة في التوزيع. 3 بطريقة عامة على أنه دالة في كل أنواع التوزيع: وعليه يمكن صياغة مؤشر لعدم المساواة في التوزيع I= I(y, y n ) - مؤش ارت قياس الالمساواة في الدخل: توزيع أ- منحنى لورنز: يعتبر منحنى لورنز Lorenz curve والذي يوضحه )الشكل -( أحد أهم األشكال الهندسية التي تساعد على االستدالل وقياس حالة المساواة أو حالة عدم المساواة في المجتمع. حيث يعكس المنحنى مدى االقت ارب من هاتين الحالتين وذلك استنادا إلى المعلومات المتوافرة حول توزيع الدخل في المجتمع وهو عالقة رياضية بين النسب الت اركمية للسكان مرتبة حسب مستويات إنفاقهم أو دخلهم أو علي عبد القادر علي اتجاهات توزيع اإلنفاق في الدول العربية سلسلة اجتماعات الخب ارء المعهد العربي للتخطيط الكويت العدد رقم 9 مايو 00 ص 3-0 Jonathan Haughton and Shahid Khandker, Handbook on Poverty and Inequality, World Bank, 009, p علي عبد القادر علي مرجع سبق ذكره. ص. 7

32 ثروتهم من األغنى إلى األفقر والنسب الت اركمية للدخل التي تحصل عليها كل شريحة مقابلة للسكان. وعادة ما يتم رسم منحنى لورنز في إطار مثلث قائم ال ازوية ومتساوي األضالع حيث يمثل محوره األفقي التوزيع الت اركمي للسكان )من صفر إلى واحد أو مائة( ويمثل محوره ال أرسي التوزيع الت اركمي للدخل )من صفر إلى واحد أو مائة(. ويمثل وتر المثلث حالة توزيع المساوة الكاملة بمعنى أن كل النقاط على الوتر هي تلك النقاط التي تتساوى فيها األنصبة السكانية الت اركمية مع األنصبة الدخلية الت اركمية. وهي إحدى حالتين متطرفتين أما الحالة الثانية فهي حالة الالمساواة التامة ويمثلها المنحنى المنطبق على ضلعي المثلث بحيث تحصل فئة سكانية واحدة على كل الدخل. وبين هاتين الحالتين المتطرفتين تقع جميع الحاالت األخرى من الالمساواة باختالف درجاتها. شكل )-( منحنى لورنز المصدر: Lorenzo G. Bellu and Paolo Liberati, Charting Income Inequality, The Lorenz Curve. p3. المرجع السابق ص 3. ويتم رسم منحنى لورنز كالتالي: - نقوم بترتيب أف ارد المجتمع حسب مستويات دخولهم من األفقر إلى األغنى. - يتم تقسيم أف ارد المجتمع إلى فئات بالتساوي بحيث تحتوي كل فئة على مستوى معين من الدخول فمثال يتم تقسيم أف ارد المجتمع إلى فئات بحيث تحتوي الفئة األولى على أقل %0 دخال من السكان والفئة الثانية تحتوي على السكان الذين يحصلون على دخل أعلى من الفئة األولى وهكذا حتى الفئة األخيرة والتي تضم أعلى %0 دخال من السكان Sloman, (John pp.65-66) OP. Cit, ولمزيد من االطالع حول منحنى لورنز: - Lorenz M.O., 905. Methods of Measuring the Concentration of Wealth, Journal of the. American Statistical Association (new series) 70, pp John Sloman, Economics, Pearson Education, Sixth edition, England 006, p Lorenzo Giovanni Bellu and Paolo Liberati, Charting Income Inequality. The Lorenz Curve, Agricultural Policy Support Service, Policy Assistance Division. FAO, Rome, Italy (005), pp. -7 8

33 بناء ب-معامل جيني: على المعايير السابق استع ارضها والتي يجب أن تفي بها مؤش ارت قياس الالمساواة في التوزيع فقد توفر لدى االقتصاديين عدد من المؤش ارت التي يمكن استخدامها في القياس. من هذه المؤش ارت المدى ومتوسط االنح ارف النسبي والتباين ومعامل االختالف ومؤشر تايل والعديد من المؤش ارت األخرى. إال أن أهم هذه المؤش ارت وأوسعها انتشا ار في أدبيات توزيع الدخل هو معامل جيني. ويعتبر معامل جيني )ويعرف أيضا بمؤشر جيني أو نسبة جيني( أحد مقاييس التشتت اإلحصائي وقد طوره العالم اإلحصائي واالجتماعي كو اردو جيني في كتابه المنشور عام 9 م. ويقيس هذا المثال الدخل اإلنفاق(. ويت اروح معامل جيني بين الصفر معب ار جميع القيم وبين الواحد الصحيح ) بين جميع القيم. فوق عن مستوى عال من المقياس المئوي( (Variability and Mutability) المعامل عدم المساواة بين قيم مختلفة من التوزيعات )على سبيل على المقياس المئوي( معب ار وتعبر قيمة معامل جيني التي تساوي عن مستوى متوسط 55( 555 الالمساواة بينما تعبر القيمة الواقعة بين الالمساواة من مرتفع بذلك عن حالة المساواة التامة بين بذلك عن حالة الالمساواة التامة فأكثر 545 على المقياس المئوي( و 55-45( 555 وتعبر القيمة الواقعة بين ( المستويات المنخفضة على المقياس المئوي( من الالمساواة عن مستوى متوسط منخفض من الالمساواة القيم التي تساوي أو تقل عن )أقل من 535 فما على و 545 في حين يعبر عن 35 المئوي(. وعادة ما يعر ف معامل جيني رياضيا على منحنى لورنز نسبة مساحة المنطقة التي تقع بين خط المساواة التامة )المنطقة.)A+B A( إلى المساحة اإلجمالية للمثلث على أساس الشكل )-( يعرف معامل جيني على النحو التالي: المساحة المساحة ولعله من الواضح أن قيمة معامل جيني تت اروح بين الصفر ينطبق منحنى لورنز على خط المساواة عندما تكون المساحة A التامة مساوية للصفر. وبشكل أكثر تحديدا على المقياس حيث يمكن وصف معامل جيني على أنه )والذي يمثله وتر المثلث( ومنحنى لورنز والتي تقع تحت خط توزيع المساواة الكاملة )المساحة في حالة المساواة الكاملة أي عندما وواحد )أو مائة( في حالة عدم المساواة الكاملة أي فإن الحد األعلى لمعامل جيني يساوي World Bank, Introduction to poverty analysis, World Bank, 005, pp Francois Bourguignon, The Poverty-Growth-Inequality Triangle, Indian Council for Research on International Economic Relations, New Delhi, 004. pp

34 واحد فقط عندما يكون حجم السكان النهائي أما عندما يكون حجم السكان يساوي N األعلى لمعامل جيني يساوي: فإن الحد وحيث أن المساحة A+B=0.5 فإن: وحيث أن منحنى لورنز يمكن تمثيله بالدالة L(X) Y = وباستخدام التكامل يمكن أن نحصل على قيمة B وتصبح المعادلة كالتالي: ( ) وفي بعض األحيان التي ال تكون كل قيم منحنى لورنز معروفة بشكل كامل حيث تعطى قيم معينة فقط في فت ارت زمنية معينة فإنه يمكن الحصول على أقرب تقدير لمعامل جيني من خالل استخدام تقنيات مختلفة لتقدير القيم المفقودة في منحنى لورنز. فإذا كانت معامل جيني يأخذ الصيغة التالية: x i, y i ( )( ) نقاط على منحنى لورنز فإن وعندما يكون هناك عدد N فترة على المحور األفقي فإن الصيغة تصبح كالتالي: ( ) حيث أن: i 0,0= i n و = i=0, n النسب الت اركمية للقيم السكانية مرتبة تصاعديا لكل xi i 0,0= i n و = i=0, n النسب الت اركمية لقيم الدخل مرتبة تصاعديا لكل yi ويعرف القانون السابق بالتعريف الهندسي لمعامل جيني حيث أن = 0 0 X 0 = Y بمعنى أن صفر في المائة من السكان يحصلون على صفر بالمئة من الدخل. وأن = n X n = Y بمعنى أن مائة بالمائة من السكان يحصلون على مائة بالمائة من الدخل. ويتوافر في معامل جيني المعايير التي تم ذكرها سابقا ما عدا قابلية التفكيك التجميعي. حيث ال يمكن تجزئته لمقارنة المجموعات الفرعية أو مصادر الدخل حيث ال تتساوى قيمة مجموع معامالت جيني للمجموعات الفرعية مع معامل جيني بعض الم ارجع تأخذ فيها صيغة معامل جيني الشكل التالي ) )( ( وهي ال تختلف رياضيا عن الصيغة المذكورة أعاله. ارجع على سبيل المثال: علي عبد القادر علي اتجاهات توزيع اإلنفاق في الدول العربية ص -3.

35 Millanovic للمجتمع ومع ذلك فإن استخدم بنجاح القانون التالي لتحليل توزيع اإلنفاق على مستوى العالم: ( ) حيث y هي متوسط اإلنفاق )في الدول i أو أعلى مستوى المجموعة( وp هي نصيب البلد من إجمالي السكان وπ تكون أكبر من نصيب الدولة من إجمالي اإلنفاق وحيث رتبت الدول حسب متوسط إنفاقها y. j ويوضح الجزء األول من المعادلة عدم y i بحيث المساواة المتأتي من اختالفات اإلنفاق بين األف ارد داخل كل دولة بينما يوضح الجزء الثاني عدم المساواة المتأتي من االختالفات بين الدول التي تعكسها اختالفات متوسط اإلنفاق للفرد. ويسمى المتبقي بالجزء المتطابق. وقد نتج هذا الجزء نسبة لعدم قابلية معامل جيني للتفكيك التجميعي. ويغطي الجزء المتبقي حالة األف ارد الذين يعيشون في دول غنية إال أن متوسط إنفاقهم يقل عن إنفاق شخص ما في دولة فقيرة. ج- مؤش ارت أخرى: - المدى: يعتبر أبسط المقاييس المستخدمة لقياس عدم المساواة في توزيع الدخل وهو مصمم لقياس الفرق بين القيم المتطرفة أي أكبر قيمة وأصغر قيم في الدخل. ويعرف بأنه الفجوة بين أعلى مستوى للدخل وأقل مستوى له معب ار عنه كنسبة من متوسط الدخل. وبهذا يمكن تعريفه رياضيا كالتالي: ( ) R المدى y i حيث أن: دخل الفرد متوسط الدخل i =,,, n World Bank, OP. Cit, p. 98. علي عبد القادر علي مرجع سبق ذكره. ص -4. وللمزيد من االطالع م ارجعة: - Milanovic, Branko, 999. "True world income distribution, 988 and 993 first calculations, based on household surveys alone," Policy Research Working Paper Series 44, The World Bank.

36 فإذا كان الدخل موزعا = 0 R فإن متساويا توزيعا الدخل فإن R = n ومن ثم فإن قيمة R تقع بين )صفر وهناك العديد من المشاكل والعكس إذا كان فرد واحد يحصل على كل.)n في استخدام المدى كمقياس لتوزيع الدخل فهو يهمل طبيعة التوزيع بين القيم المتطرفة. واذا ارتفع كل دخل بالمقدار نفسه فإن التباين سيزداد على الرغم من أن التوزيع يحافظ على الشكل األساس نفسه. ويتم التغلب على هذه المشكلة باستخدام مخفضا هو المتوسط ثم ضربة بعد ذلك بالدخل من أجل الحصول على مقياس غير متأثر بالمتوسط. - انح ارف الوسط النسبي: ويتم احتسابه عن طريق أخذ متوسط الفروقات بين فئة دخل X ومتوسط دخل السكان وقسمة الناتج على المتوسط. بتعبير آخر مقارنة مستوى الدخل لكل فرد مع متوسط الدخل ثم أخذ مجموع القيم المطلقة لهذه الفروق والنظر إلى هذا المجموع كنسبة من الدخل اإلجمالي. ورياضيا يمكن صياغته كالتالي: حيث أن: M انح ارف الوسط النسبي µ متوسط دخل السكان y i دخل الفرد الشخصي n=,..,n وفي حالة التوزيع المتساوي للدخل فإن 0=M. أما إذا كان كل الدخل يحصل عليه فرد واحد فإن: ( ) وعلى العكس من المدى R فإن هذا المؤشر يأخذ في االعتبار التوزيع الكلي إال أن مشكلته األساسدية كمقياس هو عدم حساسيته للتحويل بين شخصين فقير وغني إذا كان يقع كالهما على الجهدة نفسدها 3 من متوسط الدخل. James Foster and Amartya Sen, On economic inequality, Radcliffe Lectures, 97, secnd edition. Oxford: Clarendon press, 978. pp 4-5 Stephen P. Jenkins, The measurement of income inequality. In: Osberg L, ed. Economic inequality and poverty: international perspectives. London: M, E. Sharpe, Inc. 99. pp-3 3 James Foster and Amartya Sen, OP. Cit, pp 5-6.

37 3- التباين ومعامل االختالف: يشددبه مقيدداس التبدداين المقيدداس السددابق إال أندده يلجددأ إلددى تربيددع الفددروق بددين كددل فئددة مددن فئددات الدددخل والوسط. ويتم حساب هذا المؤشر وفق الصيغة التالية: حيث أن: V التباين متوسط دخل السكان ( ) دخل الفرد الشخصي n=,,..,n ويعتمد التباين على مستوى متوسط دخل السكان وقد يظهر أحد التوزيعات تباينا نسبيا أعظم من اآلخر ولكن مع ذلك يظهر تباينا أقل إذا كان مستوى الدخل الذي تؤخذ حوله التباينات أصغر من مستواه في التوزيع اآلخر. وللتغلب على ذلك يمكن احتساب معامل التباين النسبي والذي هو الجذر التربيعي للتباين مقسوما على متوسط دخل السكان. الذي يرتكز على التباين 4- مؤشر تايل: يعتمد مؤشر تايل على فكرة محتوى المعلومات المتوقعة في األنظمة. فعلى سبيل المثال إذا كانت x هي احتمال أن حدث معين سوف يقع فإن محتوى المعلومات من مالحظة أن الحدث قد وقع ال بد أن يكون دالة متناقصة لالحتمال x بمعنى أنه كلما كان احتمال الحدوث ضعيفا كلما كان من المهم معرفة أن الحدث قد وقع فعال. وأحد القوانين التي تستوفي هذه المتطلبات أن تأخذ دالة محتوى المعلومات الشكل التالي: ( ) فإذا كان هناك n من األحداث التي يمكن أن تقع فيمكن التعبير عن احتمال وقوع كل منها بالرمز بحيث يكون ومجموع هذه االحتماالت يساوي الواحد أي أن فعلى هذا األساس يمكن تعريف محتوى المعلومات المتوقع على أنه محتوى معلومات كل حدث مثقال باحتمال حدوثه على النحو التالي: ( ) ( ) Ibid, pp

38 ( ) وكما هو واضح كلما اقتربت قيمة كل من االحتماالت للقيمة على أنه نصيب الفرد من في التوزيع. وعندما تكون توزيع للدخل من القيمة إجمالي الدخل فإنه يمكن تفسير ) ( ) ( تبلغ المعروف بمؤشر تايل والذي يأخذ الشكل التالي: ( ) أعلى قيمة لها تساوي كلما ازد محتوى المعلومات. وبتفسير على القصوى يمكن الحصول على مؤشر الالمساواة في أنها مؤشر لقياس ) ( وبطرح المساواة ألي التوزيع وهو المؤشر إضافة إلى المؤش ارت السابقة فإنده توجدد مؤشد ارت أخدرى لقيداس عددم المسداواة فدي توزيدع الددخل قدد ال يتسددع المكددان للحددديث عنهددا كمقيدداس االنحدد ارف المعيدداري للوغاريتمددات ومعامددل بدداريتو ومعامددل أنانددد سن ومعامل أتكنسون ومعيار شامبرنون مددن االطدددالع عليهددا. واستخداما من قبل االقتصاديين ومقياس دالتون ويمكن الرجدوع إلدى المصدادر المدذكورة للمزيدد وبشدددكل عددام فإنددده يمكددن القدددول بددأن مؤشدددر جينددي يعدددد أكثددر المعدددايير تفضددديال لقياس درجة عدم المساواة في توزيع الدخل. خامسا: مصادر وأسباب عدم المساواة: تقسم مصادر عدم المساو اة إلى مجموعتين حسب مصادر الدخل تشمل المجموعة األولى على مصادر عدم المساواة في الدخل من العمل فيما تشمل المجموعة الثانية على مصادر عدم المساواة في الدخل من الممتلكات. فيما يتعلق بالمجموعة األولي حيث يمثل الكسب من العمل النسبة األعظم من عوامل الدخل وتقدر هذه النسبة بما يقارب %8 من هذه العوامل. وحتى لو تم توزيع دخل الممتلكات بالتساوي بين أف ارد Ibid, pp لالطالع على عرض مفصل لهذه المؤش ارت ارجع : - Introduction to poverty analysis, World Bank, 005, pp James Foster and Amartya Sen, On economic inequality, Radcliffe Lectures, 97, secnd edition. Oxford: Clarendon press, 978. pp Sundrum, Income Distribution in Less Developed Countries. London: Routledge, 99. Pp

39 المجتمع فإن قد ار كبي ار التفاوت في توزيع الدخل من العمل وهي: من عدم المساواة سوف يتبقى. هذا القدر يعتمد بدوره على عدة عوامل تسبب - االختالف في القد ارت والمها ارت: يختلف الناس في قد ارتهم العقلية والبدنية اختالفا كبي ار إال أن تلك الفروقات الشخصية ال تساعد كثي ار في تفسير أسباب تشتت الدخل وانما تفسر قدر ضئيل نسبيا من أسباب الفرق في الكسب من العمل. وهذا ال يعني أن هذه الفروقات قليلة األهمية إال أن المها ارت المقيمة في سوق العمل متباينة ويصعب قياسها باختبا ارت معيارية. - كثافة العمل: تختلف كثافة العمل بين األف ارد بشكل كبير فقد يعمل شخص ما 7 ساعة عمل في األسبوع وال يأخذ خاللها إجازة في المقابل قد ال يعمل شخص آخر إال بما يكفي لتلبية ضرو ارت الحياة. وسوف تكون الفروق في الدخل واضحة بين الشخصين بسبب الفروق في جهود العمل. 3- الوظائف: وهي من المصادر الهامة لعدم المساواة في الدخل حيث نجد أنه عند أدنى سلم للدخل يوجد أصحاب األعمال البسيطة مثل العمال غير المهرة في حين نجد االختصاصين كاألطباء في أعلى سلم الدخل. ويعود االختالف في الدخل بين المهن إلى عوامل عديدة منها المدة الزمنية الالزمة للتدريب باإلضافة إلى الدور الهام الذي تلعبه القد ارت كما هو الحال في قصر الوظائف الهندسية على أشخاص لديهم بعض المها ارت الكمية. كذلك يظهر دور انفصال الملكية ومالكو األسعم عن اإلد ارة والمنظمين والعاملين في المؤسسات والشركات حيث يحصل مد ارء الشركات العمالقة وكبار موظي البنوك والمؤسسات على رواتب مميزة واستثنائية تفوق بشكل كبير ما يحصل عليه صغار الموظفين في البلدان التي تنهج االقتصاد الحر. 4- عوامل أخرى: قد يلعب التمييز واالستبعاد من مهن معينة دو ار مهما في أجور النساء إبقاء واألقليات في مستوى منخفض. كما قد تؤثر الحياة العائلية والخب ارت االجتماعية التي يكتسبها األطفال تأثي ار كبي ار على ما سيكسبونه مستقبال فأبناء العائالت الموسرة يفيدون من محيطهم في كل مرحلة يمرون بها في حين أن أبناء الفق ارء غالبا وبيئة مدرسية التغذية سيئة وتعليم غير متطور. ما يعانون من االزدحام وسوء ويعتبر االختالف في الفرص التي يقدمها الوسط الذي يعيش فيه األف ارد من أهم األسباب التي تؤدي إلى عدم المساواة في الدخل ويقصد بالفرص التسهيالت والمؤسسات التربوية والعلمية والفنية والتدريبية وما إلى ذلك والتي تؤهل األف ارد للحصول على أعمال مربحة ودخل عال نسبيا. وهذه الفرص ليست متوافرة بصورة متساوية أمام كل األف ارد. فالفق ارء تكون لديهم فرصة أقل من ميسوري الحال في 5 بول سامويلسون ووليام نوردهاوس مرجع سبق ذكره ص

40 الحصول على التعليم والتدريب الالزم لكثير من األعمال ذات الدخل العالي. باإلضافة إلى التسهيالت العديدة المتوافرة أمام األغنياء كاتساع دائرة عالقاتهم والتي تسهل لهم عملية االرتقاء في السلم االجتماعي واالقتصادي. وفيما يتعلق بالمجموعة الثانية المكتسبة والموروثة فيذكر سامويلسون أن من مصادر عدم المساوة في الدخل والمتأتية من اختالف الثروات األف ارد على قمة هرم الدخل يجنون معظم نقودهم من دخل ممتلكاتهم في الوقت الذي ال يمتلك فيه الفق ارء سوى القليل من السلع المادية بحيث تجعل دخلهم من الممتلكات ال وجود له. ويحصر سامويلسون مصادر االختالف في الثروة في االدخار والمجازفة ال أرسمالية وايجاد أعمال مربحة باإلضافة إلى المي ارث. وتعتبر الممتلكات إحدى أهم األسباب الرئيسية للتفاوت في توزيع الدخل خاصة في المجتمعات التي تنتهج منهج االقتصاد الحر. ويقصد بالممتلكات هنا كل األموال والموجودات التي تدر دخال قد تكون أمواال مادية كاألبنية واآلالت واأل ارضي أو قد تكون غير مادية مثل األسهم والسندات. ويساعد االدخار ونظام اإلرث على زيادة الممتلكات وتركزها في يد فئة قليلة. حيث تعمل األنظمة والقوانين السائدة في بعض المجتمعات في مجال اإلرث على ت اركم وتركيز الثروات مما يساعد على اتساع الفجوات في توزيع الدخول. ففي بريطانيا مثال يعمل نظام اإلرث على حصر التركة لدى أكبر األوالد وبذلك فهو يساهم في زيادة حدة التفاوت بين أكبر األوالد وبقية األخوة. أما إذا كان نظام اإلرث ال يحصر التركة لدى أحد األوالد ويضمن توزيع التركة بين األبناء فإن ذلك سوف يقود في النهاية إلى تفاوت أقل في التوزيع. وللتوفيق بين نظام اإلرث والدخول قامت العديد من الدول بتشريع ضريبة التركات حيث تحصل الدولة على نصيب من التركة عند انتقالها وبذلك فهي تحول دون حدوث إضافة كبيرة إلى الثروة القائمة. وفي الوقت الذي تنمو فيه عوائد الممتلكات بمعدالت متسارعة بسبب التطور التكنولوجي تميل األجور والرواتب إلى االستق ارر أو االرتفاع بمعدالت بسيطة ال تقارن بمعدالت ارتفاع عوائد الممتلكات. وهذا يؤدي إلى ت ازيد عدم المساوة في توزيع الدخل وتفاقمه بشكل أكبر. ويعد هذا من أهم اآلثار التوزيعية المترتبة على الملكية. ولذلك فإنه ال مناص من أن تكون للضريبة على مختلف مصادر الدخل المتأتية من الممتلكات دو ار 3 المجتمع. فاعال في إعادة توزيع الدخل وتقليل عدم المساواة داخل خاصة في ظل عدم تمتع الفئات التي ال تمتلك سوى قوة عملها أثناء سنوات العمل والتقاعد Distribution, Oxford University Press, 006, pp حسين علي سلطان مرجع سبق ذكره ص 4. بول سامويلسون ووليام نوردهاوس مرجع سبق ذكره ص حسين علي سلطان مرجع سبق ذكره ص 4-4. وأيضا Fred Campano and Dominick Salvatore, Income

41 بذات الحصانة المتأتية من الملكية فبإمكان مالكي األسهم والتركات الحصول على مكافآت ريعية دون بذل أي جهد حقيقي أو إضافة حقيقية لالقتصاد. وقد حققت العديد من الدول ال أرسمالية مستويات أعلى من العادلة عندما قامت بتطبيق نظم الض ارئب التصاعدية على الدخل وعلى العكس عندما أعتبرت أن تخفيض هذه الض ارئب حاف از مهما لتعزيز االستثمار. 7

42 ص المبحث الثاني النمو االقتصادي وقياسه أوالا: تعريف النمو االقتصادي وقياسه: - تعريف النمو االقتصادي: يعر ف االقتصاديون النمو االقتصادي بطرق مختلفة وان اتفق معظمهم على استخدام الناتج والدخل القومي عنص ار رئيسيا في تعريفهم للنمو. من جهته يعتبر كوزنتس النمو االقتصادي ظاهرة كمية وبالتالي فإن النمو في أري كوزنتس هو الزيادة المستمرة للسكان والناتج القومي. ويعتبر البعض أن النمو االقتصادي يشير بشكل مباشر إلى الزيادة الكمية في متوسط الدخل الفردي الحقيقي والذي ال يرتبط بالضرورة مع حدوث تغير هيكلي أو اقتصادي أو اجتماعي في الدول. تعريف النمو االقتصادي بأنه الزيادة في 3 في متوسط الدخل الحقيقي للفرد عبر مدة زمنية طويلة. 4 الخصائص التالية للنمو االقتصادي: وبصفة عامة يمكننا إجمالي الدخل أو الناتج في بلد ما مصاحبة بالزيادة المستمرة ويمكن من هذه التعريفات استخ ارج يجب أن يترتب على الزيادة في الدخل اإلجمالي للبلد زيادة في دخل الفرد الحقيقي. وبهذا فإن معدل النمو االقتصادي هو عبارة عن معدل نمو الدخل الوطني مطروحا السكاني. منه معدل النمو الزيادة في دخل الفرد يجب أن تكون حقيقية أي الزيادة النقدية في دخل الفرد بعد خصم معدل التضخم. يجب أن تكون الزيادة في الدخل مستمرة وعلى المدى الطويل أي ال تختفي بمجرد اختفاء األسباب. ويحدث النمو االقتصادي عندما يقوم الناس بتحويل الموارد االقتصادية المتاحة لهم ويعيدون ترتيبها بطريقة تجعلها أكثر قيمة. ويشبه رومر هذه العملية بعملية الطبخ حيث باستخدام المكونات الخام وتطبيق كال من العمل والمعرفة واستخدام الطاقة والتكنولوجيا تتحول هذه المواد الخام إلى وجبة غذائية صواليلي صدر الدين النمو والتجارة الدولية في الدول النامية )رسالة دكتو ارة غير منشورة جامعة الج ازئر 00( اب ارهيم العيسوي التنمية في عالم متغير د ارسة في مفهوم التنمية ومؤش ارتها دار الشروق القاهرة 00 عمر محي الدين التنمية والتخطيط االقتصادي دار النهضة العربية بيروت 9 ص 33. صواليلي صدر الدين مرجع سبق ذكره صفحة. ص.

43 أكثر قيمة من المكونات الخام وبالتالي فقد خلق ارتفاع في القيمة االقتصادية لها وباختصار القول أن هناك نموا اقتصاديا. يمكن - قياس النمو االقتصادي: درجت العادة في الفكر االقتصادي على استخدام متوسط الدخل الفردي الحقيقي )نصيب الفرد من إجمالي الدخل أو الناتج- الحقيقي( وتغيره لمقارنة نوعية الحياة بين الدول جغ ارفيا أو قوميا أو زمنيا. ويمثل هذا المؤشر حاصل قسمة الناتج المحلي أو القومي اإلجمالي على عدد السكان. أما الناتج اإلجمالي المحلي فهو قيمة السلع والخدمات المنتجة في بلد ما خالل عام واحد وبالتالي فإن حساب متوسط الدخل الفردي ينطوي على تقدير حصة الفرد من السلع والخدمات في بلد ما ومقارنتها بحصص األف ارد في بلدان أخرى. أما الناتج القومي اإلجمالي فيمثل قيمة السلع والخدمات المنتجة في بلد ما خالل عام أيضا السلع والخدمات من الموارد الموجودة محليا والخدمات المنتجة من الموارد المملوكة محليا. والفرق بينه وبين الناتج المحلي االجمالي هو أن هذا األخير يحسب قيمة يمكن أن يكون متوسط الدخل الفردي الحقيقي مقياسا في حين يحسب الناتج القومي األجمالي قيمة السلع وهنا يتبادر إلى الذهن التساؤالت التالية: إلى أي مدى سليما للنمو االقتصادي وما هي العيوب التي تشوبه وكيف تؤثر هذه العيوب على قياسه بدقة وهل تعتبر هذه العيوب مصد ار مصداقية هذا المؤشر كمقياس للنمو االقتصادي للتشكيك في ثانيا: تقييم متوسط الدخل الفردي كمقياس للنمو االقتصادي: تعرض متوسط الدخل الفردي الحقيقي وتغيره إلى العديد من االنتقادات على مدى السنوات وتضمنت هذه االنتقادات مخترع هذا المؤشر سيمون كوزنتس 3 كمقياس للرفاه االقتصادي. على الرغم من تحذيره من استخدام هذا المؤشر وتستند هذه االنتقادات إلى عيوب هذا المؤشر التي ترجع أساسا إلى المشاكل التي تصاحب طرق قياسه وما يمكن أن يترتب على هذه المشكالت من نتائج تقلل أهمية وقيمة هذا المقياس. ويمكن تلخيص هذه العيوب كالتالي: Institute for Studies in Happiness, Economy, and Society, Life Beyond Growth, Alternatives and Complements to GDP-Measured Growth as a Framing Concept for Social Progress, Annual Survey Report, Tokyo, Japan, 0, p. 3 Institute for Studies in Happiness, Economy, OP. Cit, p6. 9 ال يوجد مؤلف تحسن الدخل الفردي ال يعني بالضرورة تحسن نوعية الحياة )نسخة إلكترونية(

44 - يتميز هذا المقياس بكونه مقياسا تحكميا بمعنى أن استخدامه ينطوي على ضرورة وجود متوسط للدخل الفردي يعتبر حدا فاصال بين الدول النامية والدول المتقدمة. وبالتالي فإن الدول التي تتمتع بمتوسط دخل فردي أعلى من هذا الحد تعتبر دول متوسط دخل أقل من هذا الحد تعتبر دول نامية. وهو بذلك متقدمة والدول التي لديها يعكس مظه ار من مظاهر واحدا االقتصاد وهو مستوى المعيشة دون النظر العتبا ارت اجتماعية أو هيكلية أو اقتصادية. على سبيل المثال قد يفوق متوسط الدخل الفردي في دولة كالكويت أو السعودية مثال نظيره السائد في دول أوروبية بالرغم من أن هذه الدول ال تعتبر دول متقدمة إذا أخذنا في االعتبار العوامل االجتماعية والهيكلية لهذه الدول. حيث تعتبر هذه الدول ذات اقتصاد قائم بشكل أساسي على الريع وهو نظام هش كما ي اره بعض االقتصاديين وسريع الزوال. حيث يصبح االقتصاد تحت رحمة المتغي ارت الخارجية والداخلية بمعنى أن أي هزة تصيب حركة التجارة الدولية تنتقل بسرعة إلى هذا االقتصاد وغالبا ما تحدث ه ازت اجتماعية شديدة الوطأة كون أن هذا النوع من االقتصادات رخوة وال تستند إلى قوى إنتاجية صلبة وفي الواقع أن بنية االقتصاد الريعي هي بنية غير انتاجية. - كذلك تؤثر اختالف تعريف الدخل والناتج القومي بين الدول على إج ارء مقارنات سليمة بين مستويات معيشة هذه الدول. المتولد الدخل الدول فبعض تستبعد من تعريف الدخل القومي ذلك الجزء من في القطاعات غير المنتجة )مثل الخدمات الشخصية( بينما تستبقيه وحتى مع تعريف محدد للدخل القومي أخرى. تثور مسألة شمول أو عدم شمول هذا التعريف لفئات معينة من السلع والخدمات. فإذا تم استبعاد الدخل المتولد في قطاع االكتفاء الذاتي والذي يتم فيه اإلنتاج بقصد االستهالك المباشر من حسابات الدخل القومي فإن هذا االستبعاد سوف يؤثر بشكل كبير على المقارنات الدولية. حيث يختفي هذا القطاع تقريبا في حين أنه يمثل أهمية كبيرة في عديد من الدول النامية مما في الدول المتقدمة يؤدي إلى تحيز النتائج لصالح الدول المتقدمة. في المقابل إذا تم إدخال هذا القطاع في حسابات الدخل القومي فإن مشكالت قياس حجم المعامالت التي تتم فيه والتي ال تدخل 3 في نطاق السوق سوف يكون غير دقيق. 3- أيضا يتأثر الدخل القومي ألي دولة بطبيعة السلع والخدمات المنتجة فيها وبالتالي بهيكل أسعارها النسبية. فأي هيكل سعري يمكن استخدامه عند مقارنة الدخل القومي لدولة نامية مع الدخل القومي لدولة متقدمة فاستخدام الهيكل السعري للدول المتقدمة لتقدير الدخل القومي في الدول النامية سوف يؤدي إلى تقدي ارت متحيزة لصالح الدول المتقدمة في مقابل الدول 3 عمر محي الدين مرجع سبق ذكره ص 34. محمد نبيل الشيمي االقتصاد الريعي: المفهوم واإلشكالية الصفحة اإللكترونية لمجلة الحوار المتمدن فبراير 5 )نسخة إلكترونية( من 3 عمر محي الدين مرجع سبق ذكره ص 3-3.

45 بناء بضرورة النامية. من جهة أخرى تثير المقارنات الدولية قضية تحويل الدخول المختلفة إلى عملة دولية واحدة الدوالر مثال. حيث يتم استخدام سعر صرف معين يتم بناء عليه التحويل من العملة الوطنية إلى العملة الدولية مع العلم أن أسعار الصرف في الدول النامية تستخدم كأداة من أدوات السياسة االقتصادية وهي في الغالب أسعار صرف ثابتة ال تعكس الواقع وبالتالي فإن استخدامها يؤدي إلى تحيز في غير صالح هذه الدول. وحتى مع افت ارض حرية أسعار الصرف بالتذبذب فإن المقارنة الدولية بين متوسطات الدخل الفردي لن تكون ذات داللة كبيرة حيث يتأثر سعر الصرف إلى حد بعيد بالسلع والخدمات الداخلة في نطاق التجارة الدولية وبالتالي فهو ال يعكس القوة الش ارئية للعملة الوطنية بالنسبة للسلع والخدمات التي ال تدخل في نطاق التجارة الدولية. 4- كذلك فإن انتقال متوسط الدخل الفردي من مستوى سائد في الدول النامية إلى مستوى آخر سائد في الدول المتقدمة ال يعني بالضرورة انتقال الدولة من خانة الدول النامية إلى خانة الدول المتقدمة. مثال ينطوي متوسط الدخل األمريكي على مستوى ونمط معين من السلع والخدمات االستهالكية والصحية والتعليمية والنقل والمواصالت. هذه التوليفة من السلع والخدمات التي يمثلها هذا المتوسط تعكس نمطا تفضيالتهم وقيم واتجاهات المجتمع معينا من الحياة والسلوك لألف ارد كما تعكس األمريكي. وليس بالضرورة أن تكون هذه التوليفة من السلع والخدمات هي التوليفة المثلى المالئمة لظروف الدول النامية. 5- المشكلة األخيرة التي تواجه متوسط الدخل الفردي كمقياس للنمو هو التكلفة االجتماعية الرتفاع متوسطات الدخل. حيث ال يمكن التغاضي عن هذه التكلفة من أجل الوصول إلى مستويات مرتفعة من الدخل. ومثال على ذلك مشاكل التلوث التي تصاحب عمليات التصنيع والتحضر أو استخدام التكنولوجيا المتقدمة في القطاعات االقتصادية 3 المختلفة. على ما سبق ونتيجة لقصور معيار متوسط الدخل الفردي نادى العديد من االقتصاديين إضافة معايير أخرى إلى جانب متوسط الدخل الفردي. وقد قام كوزنتس باج ارء د ارسة إحصائية حول العالقة بين متوسط الدخل الفردي والمتغي ارت األخرى لمعرفة مدى االرتباط بينها. ووجد أن هذه المتغي ارت تتغير مع التغير في متوسط دخل الفرد ارتفاعا وانخفاضا. فارتفاع متوسط دخل الفرد يصاحبه ارتفاع توقع الحياة عند الوالدة وارتفاع مستوى التغذية ومستوى الرعاية الصحية ونسبة التعليم وكذلك زيادة معامل أرس المال للعمل وزيادة األهمية للقطاعات غير الز ارعية وارتفاع اإلنتاجية وغير ذلك من المتغي ارت والعكس في حالة انخفاض متوسط دخل الفرد. وبالرغم من أن هذه الد ارسة 3 3 المرجع السابق ص المرجع السابق ص المرجع السابق ص 4-4.

46 قد أشارت بوضوح إلى وجود عالقة وارتباط بين متوسط الدخل الفردي والمؤش ارت األخرى إال أنها لم توضح طبيعة هذه العالقة وال نوع االرتباط وقوته واتجاهه بين متوسط الدخل الفردي والمؤش ارت األخرى. ومع ذلك فإن متوسط الدخل الفردي يبقى المؤشر األكثر استخداما ومستوياتها المعيشية ومستوى نشاطها االقتصادي. بالرغم ف نإ د ارسته حص ار من االنتقادات الموجهة الستخدام تغير متوسط الدخل الفردي الحقيقي في أن تعكس الدول حال كمؤشر للنمو االقتصادي استخدامه هنا سوف يفي بغرض البحث. فباإلضافة إلى النتائج التي توصل إليها كوزنتس في آنفة الذكر فإنه من غير الواضح حتى اآلن وجود مقاييس أخرى كمية يمكن االستناد عليها كمقاييس نموذجية للنمو االقتصادي. وحتى مؤشر األمم المتحدة للتنمية البشرية ما ازل يشوبه العديد من المشكالت القياسية المتعلقة بتقدير القيمة الكمية لبعض متغي ارت هذا المؤشر إضافة إلى أن البعض يعتبر أن الطريقة التي تجمع فيها عناصر مؤشر التنمية البشرية تعتبر طريقة عشوائية نوعا ما بسبب أنها لم تشتق رياضيا للمؤش ارت االقتصادية. فضال ومن النظرية االقتصادية التقليدية كما يحدث عادة بالنسبة عن ذلك فإن الهدف من حساب مؤشر التنمية البشرية هو ترتيب قيم مؤش ارت التنمية البشرية للدول من أجل تصنيفها ومقارنة نوعية الحياة فيها حيث معدل الدخل الفردي. ومقارنة ذلك بتصنيفها من ويالحظ في هذا الشأن وجود عالقة موجبة بين معدل الدخل الفردي ومؤشر التنمية البشرية وعلى الرغم من ذلك فإن هذا العالقة ما ازلت غير كاملة فالدول التي تنال أعلى تصنيف في مؤشر التنمية البشرية ليس بالضرورة أن تكون الدول األعلى في مستويات الدخل الفردي. مثال آخر عن مؤش ارت قياس الحالة االقتصادية للدول تشير بعض الد ارسات إلى مفهوم حديث بدأ ي ازحم مؤشر لألنظمة االقتصادية النمو االقتصادي التقليدي معب ار عنه بالتغير في متوسط الدخل الفردي باعتباره هدفا وهو مفهوم السعادة. ويرجع هذا المفهوم إلى دولة بوتان التي تقع بين الصين والهند حيث يعتبر ملك بوتان المروج الرئيسي لمفهوم جديد وعملية قياس جديدة تسمى السعادة المحلية االجمالية هذا المفهوم الحقا GDH في مواجهة الناتج المحلي اإلجمالي أو الدخل المحلي اإلجمالي. وقد انتشر حول العالم وأصبح يحظى بقبول واسع في الدول الصناعية المتقدمة. إال أن ظهور هذا المعيار ال يعني تخلي بوتان وبقية الدول عن الفكرة التقليدية بوتان نفسها شهدت ارتفاع الناتج المحلي اإلجمالي في السنوات األخيرة للنمو في شكله الكمي النقدي. بل إن والذي قاد هذا االرتفاع مبيعاتها من الطاقة الكهرومائية إلى الهند والسياحة. إلى جانب ذلك فإن الدول نفسها التي تتحدث اليوم عن الرفاه والسعادة كأهداف اقتصادية بديلة ما ازلت ملتزمة سياسيا تجاه النمو التقليدي. فقد 3 المرجع السابق ص 4-4. تحسن الدخل الفردي ال يعني بالضرورة تحسن نوعية الحياة نسخة إلكترونية

47 أصدرت قمة دول BRICS وهي الب ارزيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا إعالن سانيا Sanya الذي افتتح بالت ازم هذه الدول في ضمان أن تواصل تمتعها بنمو اقتصادي قوي ومستدام والذي يعتبر السبيل الوحيد للخروج من للنمو الفقر. ما يمكن الخلوص إليه هو أنه بالرغم من قصور مؤشر متوسط الدخل الفردي الحقيقي وتغيره كمقياس االقتصادي فإنه ما ي ازل المؤشر األكثر قبوال لدى الدول واألنظمة االقتصادية واالقتصاديين. ويدعم هذا القبول سهولة حساب هذا المؤشر مقارنة بمؤش ارت أخرى مثل مؤشر التنمية البشرية ومؤشر السعادة وغير ذلك من المؤش ارت والتي تأخذ في االعتبار الجوانب غير الكمية في االقتصاد. ومع األخذ بعين االعتبار جوانب قصور متوسط الدخل الفردي فإن ارتباطه االقتصادي األخرى يجعل منه مؤش ار ومقارنتها. مالئما إيجابيا بمؤش ارت الرفاه إلى حد كبير كمقياس لمستويات المعيشة وتغيرها Institute for Studies in Happiness, Economy, OP. Cit, pp

48 المبحث الثالث التطور التاريخي للنمو االقتصادي وعدم المساواة أوالا: االختالفات في نصيب الفرد من الدخل القومي بين الدول يختلف نصيب الفرد من الدخل الحقيقي بين الدول اليوم عما كان عليه في الماضي بشكل كبير حيث كانت هذه االختالفات بين الدول في مستويات منخفضة حتى بدايات القرن التاسع عشر ثم بدأت بالزيادة واالتساع مع قيام الثورة الصناعية ووصلت إلى أقصى اتساع لها خالل السنوات المائة األخيرة. وفقا للجدول )-( في العام كانت مستويات نصيب الفرد من الدخل في الحقيقي كل من أفريقيا واليابان وآسيا باستثناء اليابان أعلى من نظيره في أوروبا الغربية حيث كانت دوالر 46 دوالر دوالر دوالر على التوالي )باألسعار الدولية لعام 99( غير أن الفوارق لم تكن كبيرة حيث كانت %4 وأعلى من %6 قليال و %55 على التوالي. في المقابل كان نصيب الفرد من الدخل الحقيقي 998 في عام في أوروبا الغربية أكبر بحوالي ثالث عشرة مرة من نظيره في أفريقا وأكبر بست م ارت من نظيره في آسيا ما عدا اليابان. في نصيب الفرد من كان حين الدخل الحقيقي أست ارليا في والواليات وكندا ونيوزيلندا أفريقيا وأكبر بثمانية أضعاف من نظيره في آسيا باستثناء المتحدة معا يماثل عشرين ضعفا لنظيره في اليابان. 99 نصيب الفرد من الدخل في العالم منذ عام حتى العام الجدول )-( )بالدوالر الدولي 99( السنوات أوروبا الغربية أستراليا ونيوزيلندا وكندا والواليات المتحدة اليابان آسيا )ما عدا اليابان( أمريكا الالتينية أوروبا الشرقية واالتحاد السوفيتي سابقا أفريقيا كل العالم المصدر: The World Economy: A Millennial Perspective p 6 من ناحية أخرى في مقابل انخفاض االختالفات في نصيب الفرد من الدخل الحقيقي فيما بين الدول الغنية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية فإن الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة قد اتسعت وفي ذات الوقت تضائل عدد الدول ذات الدخل المتوسط وأصبح العالم ينقسم بين معسكرين قطبيين Angus Maddison, The World Economy: A Millennial Perspective, Paris: OECD, 00, pp.. 34

49 لوكسمبرغ قطر النرويج الواليات المتحدة أستراليا السويد كندا ألمانيا المملكة المتحدة اليابان كوريا الجنوبية روسيا تركيا بلغاريا فنزويال البرازيل الصين إندونيسيا الهند نيجيريا الكاميرون السودان بنغالدش أوغندا موزمبيق أفريقيا الوسطى النيجر الكونغو الديمقراطية أحدهما غني واآلخر فقير. وقد قام كال من االنتقال من السنة تبقى نصيب الفرد من الدخل الحقيقي Durlauf and Quah (999) t في السنة t+5 في عينة من دول للفترة من 5 إلى 96 إلى باحتساب احتماالت نصيب الفرد من الدخل الحقيقي 988. ووجدا أن هناك احتمال كبير في أن الدولى ذات الدخل المرتفع مرتفعة الدخل واحتمال كبير أن تبقى الدولة ذات الدخل المنخفض منخفضة الدخل. ومع ذلك فإن الدول متوسطة الدخل لديها احتمال كبير أن تصبح منخفضة الدخل أو مرتفعة الدخل أكثر من احتمال أن تبقى متوسطة الدخل. مع هذه البنية من االحتماالت فإن التوزيع يقترب مع الوقت إلى وضع الثنائية القطبية. ويوضح الشكل )-( نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في مجموعة من الدول االختالفات بين هذه الدول عام 0. حيث يوضح الشكل )-( نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في مجموعة من الدول للعام 00,000 90,000 80,000 70,000 60,000 50,000 40,000 30,000 0,000 0,000 0 نصيب الفرد من الدخل الحقيقي الشكل من إعداد الباحث. مصدر البيانات: بيانات الجدول )-( في الملحق رقم )( ونالحظ أنه في هذا العام كان نصيب الفرد من الدخل في الواليات المتحدة األمريكية يعادل ثالثة أمثال نظيره في بلغاريا وحوالي أربعة أمثال نظيره في فنزويال وأكثر من ذلك بقليل من نظيره في Steven N. Durlauf and Danny T. Quah, The New Empirics of Economic Growth, In John B. Taylor and Michael Woodford, Handbook of Macroeconomics, vol. A. Amsterdam: Elsevier, 999, pp59-6. تحديث للبيانات سبتمبر مصدر البيانات لهذا الشكل هي قاعدة بيانات البنك الدولي على االنترنت: وقد استخدم الباحث آخر

50 نصيب الفرد من الدخل الحقيقي الب ارزيل وأكبر من نظيره في الهند بحوالي إثنتي عشرة مرة وهناك فجوات أكبر بين الواليات المتحدة األمريكية وعدد من البلدان األفريقية على سبيل المثال كان الدخل في الواليات المتحدة األمريكية أكبر بتسعة عشرة مرة من نظيره في نيجيريا وأكبر من نظيره في موزمبيق بحوالي خمسين مرة وتظهر أرقام بعض الدول األفريقية األخرى فجوات مماثلة أو أكبر. هذا بالرغم من أن الواليات المتحدة األمريكية لم تكن صاحبة أعلى نصيب للفرد من الدخل الحقيقي في ذلك العام. ويعطي الشكل )3-( لمحة أخرى عن االختالفات في نصيب الفرد من الدخل الحقيقي بين الدول حيث يصور نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في أربع دول عام المتحدة األمريكية حيث يوضح الشكل تطور الدخل فيها منذ عام وتقارن هذه الدول بالواليات.775 نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في أربع دول مقارنة بالسجل التاريخي لنصيب الفرد من الدخل الحقيقي في الواليات المتحدة األمريكية. 35,000 الشكل )3-( 0,000 األرجنتين 5,000 الصين الهند 0 كونغو كنشاسا الشكل من إعداد الباحث. المصدر: - - السنة كونغو كنشاسا الصين الهند االرجنتين الواليات المتحدة األمريكية بيانات الواليات المتحدة األمريكية من الجدول رقم )3-( في الملحق رقم )( بيانات األرجنتين والصين والهند وكونغو كنشاسا من مشروع ماديسون على االنترنت: 30,000 5,000 0,000 5,000 من معطيات هذا الشكل يمكننا الحصول على الفترة التي كان نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في الواليات المتحدة األمريكية يماثل نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في أي من الدول األخرى في العام. فنصيب الفرد من الدخل الحقيقي في األرجنتين على سبيل المثال في هذا العام كان يماثل نظيره في الواليات المتحدة األمريكية في أعقاب أزمة النفط وفي الصين يماثل نظيره في الواليات المتحدة األمريكية خالل سنوات الحرب العالمية الثانية أما في الهند فإن نصيب الفرد من الدخل 36

51 الحقيقي يقترب من نظيره األمريكي خالل بدايات القرن العشرين في حين أن نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في كونغو كنشاسا لم يبلغ سوى خمس نصيب الفرد من الدخل الحقيقي في الواليات المتحدة األمريكية عام 775. تشير هذه الفجوات التاريخية الواسعة جدا والمرعبة في العديد من الحاالت إلى أنه يلزم الكثير من السنوات لكي تتمكن هذه الدول أو بعضها من اللحاق بالمستويات المعيشية الحالية في الواليات المتحدة األمريكية والى سنوات أكثر بكثير بالنسبة لدول أخرى مثل العديد من الدول األفريقية. ثانيا: االختالفات في معدالت النمو االقتصادي بين الدول: يقاس النمو االقتصادي من خالل معدل تغير نصيب الفرد من الدخل الحقيقي. وقد اختلفت معدالت النمو بشكل كبير بين الدول على مدار السنوات الماضية. ويلخص الشكل النمو في عينة من حتى 37 4 )4-( توزيع معدالت دول خالل خمسة عقود في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية )من (. وقد قسمت هذه الفترة إلى ثالث فت ارت: األولى قبل أزمة النفط )من 97( والثانية في أعقاب األزمة )من ما بعد تفكك االتحاد السوفيتي. 97 حتى 99(. والفترة الثالثة )من حتى 99 حتى ) االستنتاج األولي من هذا الشكل هو أن عدد الدول التي خبرت معدالت نمو مرتفعة قبل حدوث أزمة النفط أكبر من عدد الدول التي خبرت معدالت نمو مرتفعة بعد حدوث األزمة. كذلك فإن عدد الدول التي شهدت معدالت نمو منخفصة بعد تفكك االتحاد السوفيتي كان أقل من عدد الدول التي معدالت نمو مرتفعة بعد تفككه. في الفترة األولى )97-96( لم تشهد أي دولة انخفاضا شهدت لمتوسط نصيب الفرد من الدخل يتجاوز %4 سنويا ولم يكن هناك سوى دولة واحدة كان االنخفاض في متوسط نصيب الفرد من الدخل يترواح بين %3 و %4 سنويا. في الفترة الثانية )99-97( كان هناك دولة واحدة كان معدل االنخفاض فيها يتجاوز %4 سنويا وأربعة دول كان معدل االنخفاض فيها بين %3 و %4 سنويا. وبشكل عام فإنه في كل فئة نمو أقل من النفط بينما كل فئة نمو أكبر من أما متوسط معدل النمو البسيط لدول العينة فقد كان %5 في الفترة الثانية بعد حدوث أزمة النفط. في فترة ما بعد تفكك االتحاد السوفيتي )-99( هو سبعين % األولى قبل حدوث أزمة النفط % كان عدد الدول أكبر في الفترة الثانية التي تلت أزمة % كان عدد الدول أكبر في الفترة األولى التي سبقت أزمة النفط. %3 في الفترة األولى قبل األزمة ت ارجع إلى كان عدد الدول التي في فئات دولة أي أقل من عدد الدول التي شهدت معدالت نمو أكبر من مع األخذ باالعتبار تفكك دول االتحاد السوفيتي الدول أكبر بكثير من عدد الدول التي شهدت معدالت نمو أكبر من النمو أكبر من % في الفترة ولكن هذا العدد من % في الفترة الثانية بعد حدوث

52 األزمة والذي كان ثالث وثالثين دولة. مع ذلك فإن عدد الدول التي شهدت معدالت نمو أقل من % كان أكبر من عدد الدول التي شهدت معدالت نمو أكبر من هذا المعدل. معدل نمو نصيب الفرد من الدخل الحقيقي 4 في عينة دول الشكل )4-( <-4 <-3 <- <- <0 < < <3 <4 <5 <6 <7 <8 <9 9 فأكثر الشكل من إعداد الباحث مصدر البيانات: - السنوات من 9-90 و 9-9 من: Robert Summers and Alan Heston, The Penn World Quarterly Journal of Table (Mark5): An Expanded Set of International Comparisons, , Economics 06, 99 - السنوات من من: موقع مشروع قاعدة بيانات ماديسون على االنترنت: عموما فإنه بالرغم من التطو ارت السلبية التي أثرت على مجموعة الدول األغنى في بعد أزمة العينة النفط فإن انخفاض متوسط معدل النمو فيها كان أقل ولم تشهد زيادة في تفاوتها. ويصور الشكل )5-( توزيع معدالت النمو في هذه الدول حيث انخفض معدل نموها من %4 سنويا إلى % سنويا في الفترتين األولى والثانية على التوالي. ولكنه كان في كلتي الفترتين أعلى من متوسط معدل النمو لبقية الدول في العينة والتي تشكل المجموعة األكبر منها والتي كانت %3 و %5 للفترتين على التوالي. أي أن متوسط معدل النمو في الدول الغنية انخفض بمعامل اثنين بينما انخفض في المجموعة األخرى األكبر بمعامل ثالثة. ايرلندا ايطاليا هولندا النرويج البرتغال اسبانيا السويد سويس ار المملكة المتحدة است ارليا نيوزيلندا. 38 هذه االقتصادات الغنية هي: كندا الواليات المتحدة اليابان النمسا بلجيكا الدنمارك فنلندا فرنسا ألمانيا الغربية اليونان

53 معدل نمو نصيب الفرد من الدخل الحقيقي الغنية الدول في عينة الشكل )5-( <0 < < <3 <4 <5 <6 <7 <8 <9 الشكل من إعداد الباحث مصدر البيانات: السنوات من Heston. 99 Summers, Robert, and Alan السنوات من من قاعدة بيانات األونكتاد UNCTAD, UNCTADstat من الفوارق الهامة بين الدول الغنية والدول الفقيرة أنه وحتى بعد تباطؤ النمو العالمي الذي تبع األزمة فإنه لم تشهد أي من الدول الغنية فت ارت طويلة من انخفاض نصيب الفرد من الدخل األمر الذي كان مختلفا خالل الفترة التي كليا األزمة ارتفع هذا العدد ليصبح بالنسبة للدول الفقيرة في المجموعة األكبر. وأخي ار يوضح الشكل )4-( أنه سبقت األزمة كان هناك تسعة دول فقط لديها معدالت نمو سالبة الحقا إثنين وثالثين دولة. بعد حدوث قام Maddison (00) بتقدير النمو االقتصادي ألطول فترة من الزمن. تقدي ارته لمعدل نمو نصيب الفرد من الدخل لكل االقتصاد العالمي. وفقا االقتصادي كان ضئيال إال في القرن التاسع عشر. ويعرض الشكل )6-( لهذه المعطيات فإن النمو منذ العصور الوسطى وحتى الثورة الصناعية ولم يرتفع بشكل هام وجوهري تضم هذه المجموعة أنجوال تشاد هاييتي مالي الصومال والتي تدهورت مستويات معيشتها بشكل مخيف. ومن المحتمل ان يكون سبب التدهور االقتصادي في هذه البلدان بالنسبة للجزء األكبر منها هي الحروب األهلية التي اندلعت في الفترة الثانية المذكورة. Angus Maddison, OP. Cit, p

54 الشكل )6-( معدل نمو نصيب الفرد من الدخل لكل االقتصاد العالمي معدل النمو الشكل من إعداد الباحث مصدر البيانات: p.63 Maddison, 00, ومنذ السنوات األولى من القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الثانية تسارع النمو بشكل مذهل. إال أن قيام الحربين العالمية األولى والثانية والكساد العظيم بينهما قد أبطأت من النمو. وبالرغم من ذلك فإن النمو في هذه السنوات المضطربة ال ي ازل مرتفعا بالمقاييس التاريخية. أعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية بالفترة الذهبية للنمو االقتصادي وهي فترة من التوسع السريع الذي ال يضاهيها أي فترة تاريخية أخرى. واستمر هذا العصر الذهبي حتى أوائل السبعينيات ومع اندالع أزمة النفط تباطأ النمو االقتصادي مرة أخرى إال أنه قياسا بالمعدالت التاريخية فقد بقيت معدالت النمو مرتفعة حتى بعد أزمة النفط. تلخيصا لما سبق منذ الحرب العالمية الثانية نما متوسط نصيب الفرد من الدخل بشكل كبير وبمعدالت مرتفعة وفقا للمعايير التاريخة كذلك كانت معدالت النمو متفاوتة فيما بين الدول بشكل كبير وازداد التفاوت في نصيب الفرد من الدخل بين الدول الغنية والفقيرة. ثالثا: تطور عدم المساواة في التوزيع الشخصي للدخل درس كال من (00) Morrisson Bourguignon and تطور الالمساوة في التوزيع الدولي للدخل الشخصي منذ عام 8 وبعد تقصيهما لعدد كبير من مؤش ارت عدم المساواة الحظا أنه على % مدى 7 عاما ارتفع متوسط الدخل لسكان العالم بمعامل 756 وارتفع متوسط الدخل ألدنى %6 بمعامل من السكان بمعامل يزيد قليال عن 3 بينما ارتفع متوسط الدخل ألدنى 4 في حين Maddison 00 إلى أن معدل النمو السكاني ازد من %0. في الفترة إلى %0.9 في هذا التسارع في النمو سيكون أكثر وضوحا في ضوء مالحظة أنه كان خالل فترة تسارع نمو السكان. ويشير الجدول. في

55 ارتفع متوسط الدخل للعشر األعلى )أعلى % من السكان( بمعامل الوقت انخفضت نسبة الذين يرزحون تحت فقر مدقع من %4 من سكان العام عام وشهدت متسارعة.. ومع ذلك فإنه في نفس %84 من سكان العالم عام أعلى إلى دول العالم بعد اندالع أزمة النفط في سبعينيات القرن الماضي اتساع فجوة الدخل بمعدالت اتسعت فجوة عدم المساواة في الواليات المتحدة 4 إلى عام % من أصحاب الدخول من األمريكية بصورة حادة ففي الفترة من عام ارتفعت الحصة اإلجمالية للدخل المتحقق بعد دفع الض ارئب التي حصل عليها %755 إلى %4. وتظهر البيانات األكثر تحديدا فترة زمنية أطول حدوث زيادة صارخة بقدر أكبر في عدم المساواة ففي عام من األسر يكسب سوى %9 من الدخل في الواليات المتحدة وبحلول العام الحصة إلى نحو %4 وبالمثل فإن مؤشر جيني ارتفع بنحو واجماال على مدى 976 لم يكن أعلى % 7 %5 خالل نفس الفترة. فقد أصبحت الواليات المتحدة األمريكية ومعظم االقتصادات المتقدمة أكثر ث ارء مساواة. ففي عام المسجل في الثمانينيات و ازد بنسبة المساواة في الواليات المتحدة من حوالي وفي المملكة المتحدة من أصل ازد الدخل الحقيقي للفرد في الواليات المتحدة بنسبة ارتفعت تلك وأكثر عدم %65 عن مستواه %77 في المملكة المتحدة وفي نفس الفترة ارتفع مستوى عدم 4 نقطة إلى نقطة إلى 3 نقطة أو أكثر على مقياس معامل جيني نقطة. كذلك ارتفع مستوى عدم المساوة في بلدا من 6 بلدا من البلدان الغنية في منظمة التعاون والتنمية منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي. ال يختلف األمر كثي ار جيني للصين ارتفاعا في البلدان النامية حيث ارتفعت عدم المساوة في الصين فقد سجل معامل من أقل من 3 نقطة في عام متجاو از المستوى السائد في الواليات المتحدة األمريكية. أما فيما يتعلق ببلدان ما بعد الزيادات حدة في مستوى تفكك المنظومة االشت اركية في وقتنا الحالي نقطة 45 إلى حوالي 98 فقد شهدت مع بعض االستثناءات أكثر الالمساواة. فبعد تفكك االتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات ارتفع مستوى عدم المساواة في روسيا بسرعة لم يسبق تسجيلها في أي من دول العالم. ففي الوقت الذي مستوى عدم المساواة في الواليات المتحدة بنحو ث لث نقطة سنويا على مقياس جيني 98 عامي و 995 ارتفعت قيمة معامل جيني في روسيا خالل العقد الذي أعقب ارتفع خالل الفترة بين االتحاد تفكك السوفيتي بثالثة أضعاف هذه الوتيرة. وفي نفس الوقت انخفض متوسط الدخل الحقيقي في روسيا حادا انخفاضا أنتج مجموعة كبيرة من الفق ارء. و ازد عدم المساواة أيضا في بلدان أخرى من بلدان François Bourguignon and Christian Morrisson, Inequality among World Citizens: 80 99, American Economic Review 9, 00, pp Rodney Ramcharan, Inequality Is Untenable, Finance & Development, Vol.47, No.3, Sep. 00, pp

56 االتحاد السوفيتي السابق )بولندا مثال( وان لم يكن بنفس قدر الزيادة المشاهدة في روسيا. ففي العديد من بلدان أوروبا الوسطى )سلوفينيا والجمهورية التشيكية والجمهورية السلوفاكية( ظل مستوى عدم المساواة الجديد وفقا دخول هذه البلدان لمعايير اقتصادات السوق الحالية منخفضا المرحلة الجديدة نسبيا. ويرجع السبب في ذلك إلى بدرجات عالية من التوزيع العادل للدخل ولم تتسبب الزيادات الكبيرة حتى في وضعها خارج المستويات التي تعتبرها أوروبا القارية مستويات عادية. وفي المقابل شهدت أهم بلدان أمريكا الالتينية انخفاضا الماضية. وكان االنخفاض كبي ار مستم ار في عدم المساواة على مدار العقود بصفة خاصة في الب ارزيل التي ظلت على مدار عقود بمثابة المثال التقليدي لبلد يتسم بارتفاع مستوى عدم المساواة. فقد انخفض معامل جيني في الب ارزيل من حدود الستينات المنخفضة في عام إلى أقل من 57 مستويات عدم المساواة في كل من المكسيك واألرجنتين. بعض أعلى مستويات تحقيقا للمساواة. الالمساواة نقطة تقريبا في الوقت ال ارهن. كذلك انخفضت إال أنه ال ت ازل بلدان أمريكا الالتينية تواجه في العالم. وال ت ازل الب ارزيل مصنفة ضمن أقل خمسة بلدان في العالم اربعا: تفكيك مصادر عدم المساواة: من بين المقاييس الكثيرة للتفاوت فإن معامل جيني ومؤشر تايل المقاييس. كال المقياسين يساويان صفر عندما يكون الدخل موزعا الدخول غير متساوية. هما األكثر استخداما بالتساوي ويرتفعان كلما من بين هذه أصبحت يصور الشكل )8-( العالقة بين معامل جيني ومؤشر تايل للتوزيع العالمي للدخل الشخصي منذ السنوات األولى من القرن التاسع عشر وحتى السنوات األخيرة من القرن العشرين. وكما يوضح الشكل فإن هذين المؤشرين يرتبطان مع بعضهما بقوة أي أنهما يمثالن اتجاهات متماثلة عبر الزمن. Branko Milanovic, More or Less, Finance & Development, Vol.48, No.3, Sep. 0, pp.6- من أهم م ازيا مؤشر تايل أنه يعبر عن المتوسط المرجح لعدم المساواة داخل المجموعات الفرعية مضافا إلى ذلك عدم المساواة بين هذه المجموعات. أي أنه قابل لخاصية التفكيك التجميعي. )علي عبد القادر علي مرجع سبق ذكره. ص ( 4

57 مؤشر تايل الشكل )8-( معامل جيني وموشر تايل للتوزيع الدولي للدخل الشخصي معامل جيني الشكل من إعداد الباحث مصدر البيانات من Bourguignon and Morrisson, 00, p وعلى الرغم من تفضيل االقتصاديين لمعامل جيني لقياس الالمساواة فإن مؤشر تايل يعتبر أكثر مالءمة لتفكيك (decomposition) مصادر الالمساواة. ويوضح الشكل )9-( تفكيك توزيع الدخل الشخصي بين البلدان وداخل البلدان طبقا لبورغيغنون وموريسون. في الالمساواة الشكل )9-( مؤشر تايل للتوزيع الدولي للدخل الشخصي عدم المساواة بين الدول عدم المساواة داخل الدول الشكل من اعداد الباحث مصدر البيانات: Bourguignon and Morrisson, 00, p734 أول ما نالحظه هو أن الالمساواة اإلجمالية ازدت بسرعة خالل القرن التاسع عشر وبسرعة أقل خالل القرن العشرين. ونالحظ ثانيا أن الالمساوة داخل الدول انخفضت بشكل ملحوظ خالل الجزء المبكر 43

58 من القرن العشرين وارتفعت قليال في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومع ذلك فإن الالمساواة بين الدول كانت كبيرة بشكل بارز في فترة ما بعد الحرب. الشكل )-( يبين الجزء من الالمساواة اإلجمالية الذي يعزى إلى الالمساواة داخل الدول. هذا الجزء انخفض بسرعة خالل القرن التاسع عشر وفي النصف األول من القرن العشرين وبقيت مستقرة نسبيا في فترة ما بعد الحرب. هذا يشير إلى أنه خالل فترة ما بعد الحرب وحتى عام 99 أن اتجاهات الالمساواة كانت متماثلة بين الدول وفي الدول. الشكل )-( نصيب عدم المساواة داخل الدول من عدم المساواة اإلجمالية نصيب عدم المساواة داخل الدول من عدم المساواة الكلية الشكل من إعداد الباحث مصدر البيانات: Bourguignon and Morrisson, 00, p734 وأخي ار بمقارنة الشكلين )9-( و )6-( نالحظ أن الزيادة في عدم المساواة في القرن التاسع عشر وقعت خالل فترة تسارع النمو في العالم. في المقابل فإن تسارع النمو في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية لم تصاحبه ارتفاعات مهمة في الالمساواة. في حين ارتفعت الالمساواة بعد أزمة النفط بداية سبعينيات القرن الماضي وما صاحبها من انخفاض عام في معدالت النمو. وتعني هذه المالحظة أن االتجاهات العالمية للنمو االقتصادي وعدم المساواة في توزيع الدخل ال تظهر وجود عالقة واضحة تربط بينهما أو توضح اتجاهات كال المتغيرين بشكل نمطي. 44

59 الفصل خالصة استعرض الباحث في هذا الفصل المالمح وأسباب حدوث الالمساواة في توزيع الدخل. النظرية والتاريخية لتوزيع الدخل ونظرياته وطرق قياسه واتضح للباحث أن هناك اختالفات بينة قائمة بين االقتصاديين حول هذه الظاهرة سواء ما يتعلق بتعريفها أو بقياسها أو بأسباب حدوثها. واستنتج أن اختالف الفلسفة االجتماعية بين األف ارد أو المجتمعات أو الدول تتحكم بصورة كبيرة بتحديد النظرة إلى هذه الظاهرة وما يتعلق بها. كما استعرض الباحث بعض المقاييس الخاصة بالنمو االقتصادي وجوانب القصور في هذه المقاييس األمر الذي يدعو الباحث للتأكيد على عدم وجود مقياس نموذجي يمكن االعتماد عليه بشكل كلي في قياس النمو االقتصادي دون إهمال جوانب ما في عملية القياس وبالتالي فإن هناك ضرورة إليجاد مقياس يمكن له القياسات كما الحظ أن يقيس النمو االقتصادي دون اإلخالل بعملية القياس النموذجية وبحيث تكون دقيقة وأقرب للواقع منها إلى االتجاهات العامة للنمو وعمليات التنمية. الباحث في هذا الفصل كيف تطور النمو االقتصادي في العالم خالل فترة طويلة من الزمن حيث ارتفعت معدالت النمو االقتصادي بشكل عام خالل العقود األخيرة من القرن التاسع عشر بمعدالت متسارعة ثم عادت وانخفضت في السنوات التالية وبشكل أوضح خالل سنوات ما بعد أزمة النفط في بدايات السبعينيات ومع ذلك فإن هذه المعدالت تعتبر مرتفعة قياسا وبالرغم من ارتفاع معدالت النمو وهنا االقتصادي بالمعدالت التاريخية. إال أن معدالت الالمساواة في توزيع الدخل قد ارتفعت هي أيضا خالل العقود األخيرة من القرن التاسع عشر وبشكل أقل في القرن العشرين ما يوحي بأنه ال مفر من هذه اآلثار للنمو االقتصادي غير أن هذه النتيجة تصبح غير حتمية عندما نالحظ أن تسارع النمو في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يصاحبه ارتفاع في الالمساواة وأنه في العديد من الدول أظهرت تجاربها سلوكا مختلفا لعدم المساواة والنمو االقتصادي خالل مختلف الفت ارت. يتبادر إلى الذهن عدة تساؤالت: هل يصاحب النمو االقتصادي توزيعا يحدث العكس أم ليس بالضرورة أن يكون هناك عالقة بين هذين المتغيرين االقتصادي إلى تقليل فجوة الدخل والى أي مدى التساؤالت ستكون محور الفصول التالية. يؤثر هذان المتغير ان في اآلخر أكثر مساواة للدخل أم هل يؤدي النمو هذه إجابة 45

60 الفصل الثاني العالقة بين النمو االقتصادي وتوزيع الدخل المقدمة المبحث األول: تأثير النمو االقتصادي على توزيع الدخل المبحث الثاني: تأثير توزيع الدخل على النمو االقتصادي خالصة الفصل 46

61 الفصل الثاني العالقة بين النمو االقتصادي وتوزيع الدخل المقدمة: انطلقت الد ارسات االقتصادية التي تناولت العالقة بين النمو االقتصادي والالمساواة في توزيع الدخل من الد ارسة الشهيرة لكوزنتس بعنوان "النمو االقتصادي والالمساواة" والتي خلص فيها إلى أن توزيع الدخل ينزع إلى عدم المساواة في الم ارحل األولى للتنمية االقتصادية ثم يعود ليصبح أكثر مساواة في الم ارحل المتقدمة من عملية التنمية االقتصادية وبعبارة أخرى فإن كوزنتس استنتج وجود منحنى يأخذ شكل حرف U معكوسا بين النمو االقتصادي وتوزيع الدخل وهو ما أصبح يعرف بفرضية كوزنتس أو منحنى U المقلوب. وقد ركزت معظم الد ارسات المبكرة في المقام األول على اختبار العالقة أحادية االتجاه بمعنى الكيفية التي يؤثر بها النمو االقتصادي في الدول على توزيع الدخل فيها. وأيدت معظم هذه الد ارسات فرضية كوزنتس السابقة. على الرغم من ذلك وجدت بعض األصوات التي عارضت هذه الفرضية انطالقا من حجج تتعلق بنوعية البيانات المستخدمة من قبل كوزنتس أو الد ارسات الالحقة له إلى جانب أن تجارب العديد من الدول لم يسلك فيها توزيع الدخل والنمو االقتصادي السلوك المشار إليه من قبل كوزنتس. الحقا بعد انطالق النظرية الحديثة للنمو أو ما يطلق عليها نظرية النمو الذاتي theory Endogenous growth في منتصف الثمانينيات تحول اهتمام االقتصاديين إلى د ارسة االتجاه المعاكس أي كيف يؤثر توزيع الدخل على النمو االقتصادي وذلك من خالل قنوات مختلفة يمكن تصنيفها بشكل أساسي إلى قنوات اقتصادية وقنوات االقتصاد السياسي. حيث تناولت النظريات االقتصادية العالقة من خالل قنوات االدخار والحوافز والكفاءة وعيوب أسواق االئتمان وأسواق أرس المال في حين تناولت نظريات االقتصاد السياسي العالقة من خالل قنوات األنشطة الباحثة عن الريع والقناة المالية وقناة االضط اربات السياسية واالجتماعية. األمر الجلي فيما يتعلق بهذه الد ارسات هو عدم وجود اتفاق بينها على وجود أو عدم وجود أثر لتوزيع الدخل والالمساواة فيه على النمو االقتصادي أو العكس هذا فضال عن إيجابية أو سلبية هذا التأثير وقوته ودرجة أهميته في الد ارسات التي اتفقت على وجود التأثير بينهما. 47

62 تأثير النمو المبحث األول االقتصادي على توزيع الدخل أوال: استع ارض لفرضية كوزنتس: - فرضية كوزنتس: اقترح سيمون كوزنتس في د ارسته "النمو االقتصادي والالمساواة" المنشورة عام 9 أن التوزيع الشخصي للدخل يتغير بطريقة منتظمة على طول مسار التنمية في الدول وهو ينزع نحو عدم المساواة في الم ارحل األولى من التنمية االقتصادية قبل أن يتجه نحو المزيد من المساواة في الم ارحل المتقدمة من التنمية االقتصادية. باستعانته ببيانات زمنية لفترة طويل األجل مداها دول هي ألمانيا وبريطانيا والواليات المتحدة األمريكية الحظ كوزنتس أن التوزيع الضريبة أو المساعدات الحكومية يأخذ مسا ار العالمية األولى إال أن هذا المسار يضيق وصوال ثابتا وضع كوزنتس نموذج يستند إلى الهجرة القطاعية على اعتبار أن لثالثة عاما النسبي للدخل قبل إلى حد ما خالل السنوات التي سبقت الحرب إلى حد معين بعد ذلك. ولتفسير هذه المالحظة المكون الثابت للنمو في الدول المتقدمة هو انتقال العمالة من القطاع الز ارعي إلى القطاعات األكثر تطو ار مثل القطاع الصناعي. وقد وضع كوزنتس افت ارضين أساسيين لبناء نموذجه هما: - أن القطاع الريفي )الز ارعي/التقليدي( يتميز بانخفاض نصيب الفرد من الدخل إلى جانب انخفاض مستويات الالمساوة فيه. - أن القطاع الحضري )الصناعي/الحديث( يتميز بارتفاع نصيب الفرد من الدخل باإلضافة إلى ارتفاع مستوى الالمساوة فيه. وبالتالي فإن انتقال السكان من القطاع الز ارعي إلى القطاع الصناعي يعمل على زيادة الالمساواة في كل أنحاء االقتصاد وذلك نتيجة لزيادة سكان القطاع األكثر المساواة ثم تعود لتنخفض مشكلة بذلك منحنى على شكل حرف 3 U المقلوب. وقد أصبحت هذه المالحظة تعرف بمنحنى كوزنتس والذي يوضح العالقة بين نصيب الفرد من الدخل والالمساواة في الدخل الشخصي. Simon Kuznets, Economic growth and income inequality, The American Economic Review, Vol.45, No., Mar., 955, p5. Ibid, p7. 3 Ibid, p8. 48

63 الشكل )-( منحنى كوزنتس والذي يوضح العالقة بين نصيب الفرد من الدخل وعدم المساواة في الدخل الشخصي. المصدر: اقتصاديات النمو والتنمية أحمد الكواز المعهد العربي للتخطيط برنامج تدريبي الكويت في د ارسته التجريبية الالحقة عام 93 قام كوزنتس بتطوير د ارسته السابقة وقد خلص في هذه الد ارسة إلى أن : - توزيع الدخل الشخصي بين األسر في الدول النامية أكثر المساواة من توزيع الدخل الشخصي في الدول المتقدمة. - توزيع الدخل في الدول النامية والعديد من الدول المتقدمة أقل المساواة في القطاع الز ارعي من مثيله في القطاعات غير الز ارعية. 3- توزيع الدخل في القطاعات غير الز ارعية هو أكثر المساواة في الدول النامية من مثيله في الدول المتقدمة. 4- يظهر من العينة المحدودة للبيانات أن الالمساواة في التوزيع الشخصي للدخل في الدول المتقدمة تضيق عبر الزمن: أنصبة الدخل للمجموعة الدخلية األعلى في توزيع الدخل انخفض بصورة ملحوظة في حين أن نصيب المجموعة الدخلية األدنى ارتفع إلى حد ما. - ال يختلف نمط توزيع الدخل الشخصي الذي يميز الدول النامية اليوم عن ذلك النمط الذي كان يسود في الدول المتقدمة في الوقت الحاضر خالل بدايات القرن العشرين إضافة لذلك أحمد الكواز اقتصاديات النمو والتنمية المعهد العربي للتخطيط برنامج تدريبي الكويت

64 فإن نصيب الفرد من الدخل في الدول النامية اليوم أقل بشكل كبير من مثيله الذي كان سائدا في الدول التي تعتبر متقدمة اليوم في بدايات القرن العشرين وحتى في القرن التاسع عشر. وبناء على ما سبق خلص كوزنتس إلى تدعيم فرضيته السابق ذكرها وهي أن ارتفاع نصيب الفرد من الدخل في الم ارحل األولى من التنمية يؤدي إلى حدوث تدهور في توزيع الدخل إال أنه يعود ليسبب حدوث تحسن في توزيع الدخل في الم ارحل الالحقة لعملية التنمية. يعتمد - نموذج لويس: تفسير بناء على كوزنتس نموذج نموذج لويس للتنمية االقتصادية الذي يشرح فيه عملية االنتقال من االقتصاد التقليدي إلى االقتصاد الحديث والكيفية التي يأخذ بها النمو الصناعي مكانه. ويستند هذا النموذج إلى وجود اقتصاد ثنائي يتعايش فيه القطاع التقليدي مع القطاع الحديث. على القائم الجدير بالذكر أن مفهوم "التقليدي" في نموذج لويس ال يرتبط فقط بالقطاع الز ارعي والذي ينتج الناتج التقليدي للمجتمع باستخدام تقنيات االنتاج غير المتطورة والتي تكون كثيفة العمل ولكن أيضا يرتبط مع كل األنشطة االقتصادية التي تقوم على نفس ظروف اإلنتاج. تشمل ظروف اإلنتاج هذه التنظيم األسرة والتي يتشارك أف اردها اإلنتاج. على العكس من ذلك فإن القطاع الحديث يشمل كل األنشطة االقتصادية التي تنظم وفقا للمبادئ ال أرسمالية والتي تستخدم تكنولوجيا متطورة وكثيفة أرس المال. مع ذلك فإنه في العالم الحقيقي يصعب التمييز بهذا الوضوح بين القطاعين فمن ناحية يمكن للقطاع الز ارعي أن يعمل على أساس المبادئ ال أرسمالية للتنظيم فضال لتكنولوجيا متطورة كثيفة أرس المال ومثاال على ذلك الم ازرع الضخمة غير القائمة على التقليدي والحديث. عن استخدامه األسرة. تنظيم في حين أن األنشطة االقتصادية المنظمة على نحو أرسمالي يمكن أن تستخدم تكنولوجيا كثيفة العمل. ومع ذلك فإن التبسيط أعاله يساعد في شرح الفكرة الرئيسية للنموذج. االفت ارض األساس لنموذج لويس هو وجود فائض كبير من اليد العاملة في القطاع التقليدي لالقتصاد يمكن نقلها إلى القطاع الحديث بدون التأثير على حجم اإلنتاج في كبير نسبيا اإلنتاج. للعمل مقارنة بعوامل اإلنتاج األخرى بحيث أن انتقال القطاع التقليدي. حيث هناك توافر هذا الفائض لن يؤثر على مستوى Simon Kuznets, Quantitative Aspects of the Economic Growth of Nations, Economic Development and Cultural Change, Vol., No., Part, Jan., 963, p68. Cesar Gallo, Economic growth and income inequality: theoretical background and empirical evidence, Working Paper No. 9, Development Planning Unit, University College London, London, 00, p. 5

65 ويمكن تلخيص الكيفية التي تأخذ بها عملية االنتقال مكانها بين القطاعين على النحو التالي: في القطاع الز ارعي تكون قوة العمل منخفضة جدا كبيرة جدا مقارنة ب أرس المال وتكون اإلنتاجية الحدية للعمل وتؤول إلى الصفر. وسيكون هناك فائض كبير من العمالة معروضا على القطاع الصناعي الذي يتميز بارتفاع اإلنتاجية الحدية واألجور. وبالتالي تحدث عملية االنتقال للعمال من القطاع الز ارعي إلى القطاع الصناعي بحيث يتلقى العمال المنتقلين نفس مستوى األجور السائدة في القطاع الز ارعي. ويفترض النموذج ثبات اإلنتاج الكلي واألجور في القطاع الز ارعي بعد انتقال جزء من العمال من هذا القطاع إلى القطاع الصناعي. وهذا لن يتأتى إال بتحقق افت ارضين االفت ارض األول هو زيادة طول الفترة التي يعمل فيها العمال الذين بقوا في الز ارعة أو تكثيف عملهم إلنتاج نفس كمية اإلنتاج السابقة واالفت ارض الثاني هو أن العمال المتبقين يرغبون في العمل لفت ارت أطول أو بمجهود أعلى دون الحصول على أي زيادة في األجور. بمضي العملية سوف يبدأ الناتج الز ارعي باالنخفاض األمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي ينتجها القطاع الز ارعي ونتيجة لذلك ترتفع األجور في القطاع الصناعي لتعويض هذا االرتفاع في األسعار. باستم ارر انتقال العمال إلى القطاع الصناعي سوف ينخفض حجم فائض العمل في القطاع الز ارعي ويصبح عرض العمل فيه أقل مرونة وسوف ترتفع اإلنتاجية الحدية للعمل حتى تصل النقطة التي تتجاوز فيها مستوى أجر الكفاف األمر الذي يعمل على زيادة أجور العمال في القطاع الصناعي مرة أخرى ليس لتعويض ارتفاع األسعار فقط وبل وأيضا لجذب المزيد من العمال للحفاظ وتعزيز النمو في هذا القطاع. خالل ذلك كما يقول النموذج يقوم المستثمرون بإعادة استثمار األرباح التي يحققونها ومن ثم يعمل هذا الت اركم ال أرسمالي على تعزيز النمو. وتنتج الزيادة في نصيب أصحاب الدخول األعلى بالت ازمن مع ارتفاع حصة العمال الصناعيين في شكل ارتفاع الالمساواة في توزيع الدخل في جميع أنحاء البالد. وطالما أن القطاع الصناعي يحقق نموا مضطردا في حين أن قوة العمل في القطاع الز ارعي تنخفض باستم ارر فإن االنتاجية الحدية للعمل في القطاع الز ارعي سوف ترتفع والعمالة الفائضة ستكون قد استنفدت في نهاية المطاف مما يجعل العمل أكثر ندرة وبالتالي تتسبب في ارتفاع األجور في القطاعين ما يعني ارتفاع تكاليف االستثمار حيث يصبح القيام بمزيد من 3 أجور أعلى. وبذلك تنخفض أرباح المستثمرين وتنخفض بالتالي الالمساواة الكلية. االستثمار يتطلب دفع يقصد باالنتاجية الحدية للعمل ) L Marginal Product of Labor (MP مقدار الزيادة في االنتاج الكلي نتيجة لزيادة عدد العمال المشتغلين بعامل واحد أو هو مقدار الناتج االضافي نتيجة لتشغيل عامل اضافي. وهو يساوي نسبة التغير في الناتج الكلي إلى التغير في عدد العمال. هو أقل أجر يمكن أن يحصل عليه العمال ويبقيهم وأسرهم على قيد الحياة. 3 Cesar Gallo, OP. Cit, pp محمد عجمية وأيضا: ص -4. ومحمد الليلثي التنمية االقتصادية: مفهومها-نظرياتها-سياساتها الدار الجامعية االسكندرية

66 الجدير بالذكر هو أن نموذج لويس يفترض مرونة األسعار واألجور وكذلك مرونة انتقال عناصر االنتاج وهو بالتالي يميل إلى إمكانية نفاذ فرضيات سوق المنافسة التامة غير أن الواقع يظهر خالف ذلك ويبقى هذا اإلطار في صورته النظرية المجردة بعيدا عن إمكانية الحدوث في الحياة الواقعية. ملخص لنموذج لويس للتنمية االقتصادية في اقتصاد مكون من قطاعين تقليدي وحديث الشكل )-( المصدر: اقتصاديات النمو والتنمية أحمد الكواز المعهد العربي للتخطيط برنامج تدريبي الكويت 3- التغير في الالمساواة الحضرية: يشير كوزنتس في مقالته 9 بعنوان "الجوانب الكمية للنمو االقتصادي لألمم" إلى أن الالمساواة سوف تنخفض في الم ارحل الالحقة للتنمية وهو يركز على التغي ارت في الالمساواة في القطاع الحضري بدال من تضييق فجوة الدخل بين القطاعين الريفي والحضري. األجل للتحضر والتصنيع باعتبارهما العملية التي من شأنها أن تحد الالمساواة. الالمساواة الكلية سوف تعود لتنخفض غالبا كما اهتم باآلثار طويلة لكوزنتس فإن ووفقا نتيجة انخفاض الالمساواة في القطاع الحضري. حيث ادعى أنه في غضون سنوات فإن األوضاع االقتصادية لسكان الحضر الجدد وعائالتهم سوف تتحسن وسوف تعمل انتقاالت العمال الصناعيين داخل القطاع الصناعي كوزنتس مفهوم التحركات االجتماعية- الالمساوة ا مسار والتي أطلق عليها على تسوية االختالفات االقتصادية وبالتالي سوف تتبع منخفضا. حيث يرى كوزنتس أن باستم ارر عملية التنمية فإن عدد أكبر من سكان الحضر يصبحون سكانا أصليين للحضر وبالتالي سيكون هناك نسبة أكبر من السكان يستفيدون من 5